خرج مسافر من قرية النسيان يبحث عن شيء لا يعرف اسمه
ترك خلفه الناس النائمين والعناوين الباردة وأصوات السوق
كان يحمل قلبا مهزوما لا يسأل إلا عن وجه الحق
مشاه الشمس فلم تسكته
مشاه القمر فلم يهده
فأغلق عينيه ومشى بعين غيره
كل من رآه ظنه ضائعا
وكل من نصحه زاد عليه التيه
وكل من سخر منه لم يعلم انه يسير الى الداخل
دخل كهف الوحدة ولم يكن فيه غير صدى
سمع الصوت يقول له انت الظلام وانت النور
انت الحجاب وانت الطريق
بكى حتى اختنق
ثم سكت حتى سمع نفسه
فوجد في قلبه كلمات لا يعرف من قالها
الله
الله
الله
سجد بلا محراب
وصلى بلا قبلة
وحين قام لم يكن هو
مر عليه ناس قالوا له اين وجهتك
قال الى لا جهة
قالوا ماذا تطلب
قال من يطلبني
صار الليل صديقه والصمت نبيه
يسير بلا زاد ويشرب من عطشه
كلما ضاع اقترب
وكلما نسي تذكّر
نام يوما في حقل مهجور
فجاءه في المنام طيف يقول له
البيت فيك
والباب فيك
فلماذا تطوف بالخارج
استيقظ مسافر فدخل الى داخله
وجد فيه سماء
ونجوما
ووجها واحدا يبتسم له دون كلام
فعرف ان الرحلة انتهت حيث بدأت
وعرف ان الله لا يُدرك بالخطوات
بل بالخلوة
والصدق
والذوبان
ومضى مسافر
لكن لم يعد كما خرج
صار هو
وصار ليس هو
وصار لا شيء
إلا ذكرى تسير في قلب كل من أراد أن يعرف نفسه