قال سيدي الشيخ عبد القادر الجيلاني :
الـْـحَـمْـدُ للهِ الـذِي كـَـيـَّـفَ الـْـكـَـيْـفَ وَ تـَـنـَـزَّهَ عَـنِ الـكـَـيْـفِـيَّـةِ ، وَ أيَّـنَ الأيْـنَ وَ تـَـعَـزَّزَ عَـنِ الأيْـنِـيَّـةِ ، وَ وُجـِـدَ فِـي كـُـلِّ شـَـىءٍ وَ تـَـقـَـدَّسَ عَـنِ الـظـَـرْفِـيَّـةِ ، وَ حَـضـَـرَ عِـنـْـدَ كـُـلِّ شـَـىءٍ وَ تـَـعَـالـَـى عَـنِ الـْـعِـنـْـدِيَّـةِ ، فـَـهـُـوَ أوَّلُ كـُـلِّ شـَـىءٍ وَ لـَـيْـسَ لـَـهُ آخِـرِيـَّـهٌ .
إنْ قـُـلـْـتَ : أيْـنَ فـَـقـَـدْ طـَـالـَـبْـتـَـهُ بـِـالأيْـنِـيَّـةِ . وَ إنْ قـُـلـْـتَ : كـَـيْـفَ ، فـَـقـَـدْ طـَـالـَـبـتـَـهُ بـِـالـكـَـيـفِـيَّـةِ . وَ إنْ قـُـلـْـتَ : مَـتـَـى ، فـَـقـَـدْ زَاحَـمْـتـَـهُ بـِـالـْـوَقـْـتِـيَّـةِ . وَ إنْ قـُـلـْـتَ لـَـيْـسَ فـَـقـَـدْ عـَـطـَّـلـْـتـَـهُ عَـنِ الـكـَـوْنِـيَّـةِ . وَ إن قـُـلـْـتَ : لـَـوْ ، فـَـقـَـدْ قـَـابَـلـْـتـَـهُ بـِـالـنـَّـقـْـصِـيَّـةِ . وَ إنْ قـُـلـْـتَ : لِـمَ ، فـَـقـدْ عَـارَضـْـتـَـهُ فِـى الـْـمَـلـَـكـُـوتِـيَّـةِ . سُـبْـحَـانـَـهُ وَ تـَـعَـالـَـى لا يُـسْـبَـقُ بـِـقـَـبْـلِـيَّـةٍ ، وَ لا يُـلـْـحَـقُ بـِبَـعـْديَّـةٍ . وَ لا يُـقـَاسُ بـِمَـثـْلِـيَّـةٍ وَ لا يُـقـْرَنُ بـِشـَكـْلِـيَّـةٍ ، و لا يُـعَـابُ بـِزَوْجـِيَّـةٍ ، وَ لا يُـعـْرَفُ بـِجـِسـْمـِيَّـةٍ . سُـبْـحَـانـَهُ وَ تـَعَـالـَى . . لـَوْ كـَانَ شـَبـَحـَاً ، لـَكـَانَ مَـعـْرُفَ الـْكـَمـِّيـَّةِ . و لـَوْ كـَانَ جـِسـْمـاً لـَكـَان مـُتـَآلِـفَ الـْبـِنـْيـَةِ .
بـَلْ هـُوَ وَاحِـدٌ , ردَّاً عَـلـَى الـبـَيـَانـِيـَّةِ . صـَمـَدٌ ، رَدَّاً عَـلـَى الـثـَنـَويَّـةِ . لا مـَثِـيـلَ لـَهُ ، طـَعـْنـاً عَـلـَى الـْحَـشـَوِيَّـةِ . لا كـُفْء لـَهُ ، رَدَّا ًعَـلـَى مَـنْ ألـْحَـدَ بـِالـْوَصْـفـِيَّـةِ . لا يَـتـَحَـرَّكَ مُـتـَحَـرِّكٌ _ فِـي خـَيـْرٍ أوْ شـَرٍّ ، فِـي سِـرٍّ أوْ جَـهـْرٍ ، فِـي بَـرٍّ أوْ بَـحْـرٍ _ إلا بـِإرَادَتِـهِ ، رَدَّاً عَـلـَى الـْقـَدَرِيَّـةِ . لا تـُضـَاهـَى قـُدْرَتـُهُ و لا تـَتـَنـَاهـَى حِـكـْمَـتـُهُ ، تـَكـْذِيـبـاً لِـلـْهـُذِيـلِـيَّـةِ . حُـقـُـوقـُـهُ الـواجـبـة ، وَ حُـجَّـتـُـهُ الـبَـالِـغـَـة ُ ، وَ لا حَـقَّ لأحَـدٍ عَـلـَـيْـهِ إذا طـَـالـَـبَـهُ ، نـَـقـْـضـاً لِـقـَـاعِـدَةِ الـنـَّـظـَّـامِـيَّـةِ . عَـادِلٌ لا يَـظـْـلِـمُ فِـى أحْـكـَـامِـهِ ، صَـادِقٌ لا يُـخـْـلِـفُ فِـى إعْـلامِـهِ ،مُـتـَـكـَـلـِّـمٌ بـِـكـَـلامٍ قـَـدِيـمٍ أزَلِـىِّ ، لا خـَـالِـق ٌ لكلامِـهِ . أنـْـزَلَ الـقـُـرآنَ فـَـأعْـجَـزَ الـفـُـصَـحَـاءَ فِـي نِـظـَـامِـهِ ، إرْغـَـامـاً لِـحُـجَـجِ الـمُـرْدَارِيَّـةِ . يَـسْـتـُـرُ الـعُـيُـوبَ – رَبُّـنـَـا – وَ يَـغـْـفِـرُ الـذنـُـوبَ لِـمَـنْ يَـتـُـوبُ . فـَـإنْ امْـرُؤ ٌ إلـى ذنـْـبـِـهِ عَـادَ فـَـالـمَـاضِـي لا يُـعَـادُ مَـحْـضـاً لِـلـْـبَـشـَـرِ . تـَـنـَـزَّهَ عَـنِ الـزَّيْـفِ و تـَـقتَـدَّسَ عَـنِ الـْـحَـيْـفِ . وَ نـَـؤمِـنُ أنـَّـهُ ألـَّـفَ بَـيْـنَ قـُلـُـوبِ الـمُـؤْمِـنِـيـنِ ، وَ أنـَّـهُ أضـَـلَّ الـكـَـافِـرِيـنَ ، رَدَّاً عَـلــَـى الـْـهـِـشـَـامِـيَّـةِ . وَنـُـصَـدِّقُ أنَّ فـُـسَّـاقُ هـَـذِهِ الأمَّـةِ ، خـَـيْـرٌ مِـن َالـْـيَـهـُـودِ وَ الـنـَـصَـارَى وَ الـْـمَـجُـوسِ ، رَدَّاً عَـلــَـى الـْـجَـعْـفـَـرِيَّـةِ . و نـُـقِـرُّ أنـَّـهُ يَـرَى نـَـفـْـسَـهُ ، وَ يَـرَى غـَـيْـرَهُ ، وَ أنـَّـهُ سَـمِـيـعٌ لِـكـُـلِّ نِـدَاءٍ ، بَـصِـيـرٌ بـِـكـُـلِّ خـَـفـَـاءٍ ، رَدَّاً عَـلــَـى الـكـَـعْـبـِـيَّـةِ . خـَـلـَـقَ خـَـلـْـقـَـهُ فِـي أحْـسَـنَ فِـطـْـرَةِ ، وَأعَـادَهـُـمْ بـِـالـفـَـنـَـاءِ فِـى ظـُـلـْـمَـةِ الـْـحُـفـْـرَةِ وَسَـيُـعِـيـدُهـُـمْ كـَـمَـا بَـدَأهـُـمْ أوَّلَ مَـرَّةٍ رَدَّاً عَـلــَـى الـْـدَّهـْـرِيَّـةِ . فـَـإذا جَـمَـعَـهـُـمْ لِـيَـوْمِ حِـسَـابـِـهِ ، يَـتـَـجَـلــَّـى لأحْـبَـابـِـهِ فـَـيُـشـَـاهِـدُونـَـهُ بـِـالـبَـصَـرِ – يُـرَى كـَـالـْـقـَـمَـرِ – لا يُـحْـجَـبُ إلا عَـنْ مَـنْ أنـْـكـَـرَ الـرُّؤْيَـا مِـنَ الـْـمُـعْـتـَـزِلــَـةِ . . كـَـيْـفَ يُـحْـجَـبُ عَـنْ أحَـبَـابـِـهِ ؟ أوْيُـوقِـفـُـهـُـمْ دُونَ حِـجَـابـِـهِ ! وَ قـَـدْ تـَـقـَـدَّمَـت ْمَـوَاعِـيـدُهُ الـقـَـدِيـمَـة ُ الأزَلِـيَّـةِ :
(يَـا أيَّـتـُـهـَـاالـنـَـفـْـسُ الـمُـطـْـمَـئِـنـَّـةُ ارجـِـعِـى إلـى رَبِّـكِ رَاضِـيَّـة مرضية)