|
|
28-01-2012, 17:15 | رقم المشاركة : 1 | |
|
الإلحاد
إن من يلحد في أسماء الله وآياته ما كان أن يؤم بيوت الله أو يسعى إلى بيته الحرام ، وما كانت صلواته وذكره ودعواته إلا مكاء وتصدية ومراء ، وما أكثر أمثال ھذا ممن يؤمن بالله تظاھرا وھو مشرك به في باطنه ، يبغيھا عوجا ، ويحرف الكلم عن مواضعه ، ثم يشتري بالآيات ثمنا قليلا طمعا في عرض الدنيا ، وقد نزلت في مثل ھذا البشر آيات كثيرة)) . ھكذا یبدأ كتاب ((الإلحاد)) مشیرا إلى ھذا النوع من الملحدین_وھو موضوع الكتاب) في محاولة لفضح ألاعیبھم التي قد تخفى على معظم المؤمنین ، خصوصا وقد استعملوا غطاء دینیا ، وطفقوا یعبون في أعمالھم من آیات الله المنزلة في كتابھ العزیز وأسمائھ وصفاتھ ، فیعیثون فیھا التغییر والقلب والجدولة ، ویحولونھا إلى أحرف وأرقام یتخیل للعبد المؤمن الجاھل أنھا من حكم القرآن وتصاریف قواه التي قیل أن فیھا شفاء للصدور، ودواء للمكلومین . إن الله جعل أسمائھ الحسنى لندعوه بھا ، وما كانت من أجل التخلق بھا بإدماجھا حسیا مع قوى الطبیعة المحیطة بالإنسان. وجعل آیاتھ لتقرأ وتكون موضوع تأمل وتدبر واستیطان یسعى المسلم من ورائھ إلى استشفاف المعاني ، وسبر الآفاق ، واستخراج الحكم والعبر والموعظات ، لا لأن تفرد وتجزأ وتقسم على مربعات ومثلثات ودوائر فتمحى ویشرب ماؤھا ، أو تحرق فیستنشق بخارھا ، أو تدق فیؤكل فتات أوراقھا إلى ما شابھ ذلك من الھوس والخوف . إن ھذا الأمر لكبیر والناس یحسبونھ ھین ، ولا یسمونھ سحرا ، بل علما!... إن الناس یتوجھون – إلى غایة عصرنا ھذا – إلى فقیھ لم یتفقھ في الدین أو شیخ عجوز عرف بشيء یقال لھ((بركة)) وكأن في یده قوى خفیة ، فیطلبون منھ حجابات للستر، وأخرى للقبول ، ثم أخرى للمحنة ، وغیرھا للھیبة ، ویسألونھ أن یدعو لھم بالخیر والبركة...فالذاھب غلیھ كأنھ قصد تاجرا في سوق بضائعھا قوى لا یعرف الناس أصلھا ومصدرھا ، ولكنھا تكون ذات تأثیر خفي علیھم وذات آثار بالغة أحیانا أقصى الحدود ! لقد جشع الناس ولا یزالون یفعلون ، وكثر معھم وعطاؤھم لھؤلاء ، ویلتفون حلقات حول شیوخ سمعت عنھم كرامات ، وتداول الناس بشأنھم أخبارا لا یدري أحد مدى صدقھ ا وكذبھا ، فھذا بیده حل جمیع المعضلات ، وفلان الآخر أبسط منھ ، أو أكثر بسطة في العلم والمقدرة ، والثالث تخدمھ الجن وتدین لھ العفاریت بالولاء ، وغیرھم یستطیع تشغیل الأرواح اللطیفة والشریرة حسب الطلب...وما على الطالب إلا أن یكون كریما سخیا لأن الأمر یتطلب عادة العطاءات والذبائح والقرابین ، ثم یقال بعد ذلك أنھ من عمل المؤمنین والأولیاء والصالحین ذوي البركة ! ما أكثر ما شاع ھذا المرض وما أقربھ ذلك الصراع بین قوى الظلمات وقوى النور، الذي لن یكون الطرف المذكور في غماره سوى ممثل للجانب الملحد . ھذا إذن ھو الضرب من الإلحاد الذي یتناولھ الكتاب المعني . فكما أن إنكار وجود الله سبحانھ وإنكار بقائھ وقیومیتھ یعتبر قمة الإلحاد ، فإن استخدام آیاتھ وأسمائھ واستسخار ملوك تلك الآیات والأسماء وما یطلق علیھ لفظ خدامھا(وھي القوى الكامنة فیھا) یشكل بلا ریب إلحاد ا مقیما وإن كان یبرع رواده في التنكر والاستخفاء تحت غطاء الدین . إن ھذا الأمر لھو من باب إنكار تصریف الله في خلقھ وشؤون عباده ، لأنھ محاولة لإدخال تصاریف أخرى لیس لھا من سلطان إلا أن یرید الله أن یفعل لیمد أصحابھا في ما ھم فیھ من عمي وزیغ وتطاول إلى حین . إن الله أخذ على نفسھ أن یمد من یرید أسباب الدنیا – ممن یشاء – بما یریده ویطلبھ مادام قد آمن مكر خیر الماكرین ، حتى إذا جاءه الحق فغر فاه وجحظت عیناه وانقلب على نفسھ ، فلینظر ساعتئذ إلى البركة التي كان یتباھى بھا ویجمع بواسطتھا الأموال والرجال . والتي إن كانت ستفیده في شيء . كتاب((الإلحاد)) ، یدرج – حتى لا یظل طرحھ لھذا الموضوع نظریا – الطرق والأسالیب التي یستخدمھا ھؤلاء الملاحدة المتنكرین بقصد فضحھا وتبیان ما تحملھ من تغییر وقلب وتحریف في الأسماء والآیات ، إنھا دروس دقیقة في فن السحر لا لممارستھ(تماما كما یفعل ھاروت وماروت) إذ إنھ یقول القارىء : ھذا ھو منبع الشر وھذه طرائقھ فاحترس ، لأن الذي لا یعرف مواقع الخطأ ودقائقھ لن یكون في وسعھ تجنب مزالقھ وتبین اللبس الكامن فیھ. صحیح أن ھذه الأسالیب لم تعد بنفس القوة التي كانت تتوفر فیھا في القدیم على أیدي السحرة القدامى أمثال سحرة فرعون وغیرھم ، إلا أن مجرد التكالب علیھا وطلب سحرة فرعون وغیرھم ، إلا أن مجرد التكالب علیھا وطلب الاستفادة منھا ، مھما كانت مغلفة بآیات القرآن وأسماء الخالق ، یعتبر نوعا من الإلحاد وجب التصدي لھ وحقت محاربتھ بكل الطرق والوسائل ، وأشرف ھذه الطرق الوعي ، وأعزھا المعرفة والعلم . إن أي استعمال للأسماء والآیات في غیر ما جاء بھ القرآن وأتى بھ الرسول صلى الله علیھ وسلم لا یمكن أن یدخل سوى في خانة الإلحاد . أما كیفیة الاستعمال السلیمة الصحیحة فقد وردت بصریح العبارة في الكتاب والسنة ، وظھرت عملا وسلوكا في السنة وفي الأخبار الواردة عن الصحابة والتابعین ممن عاشوا العصر الذھبي للإسلام ، وتذوقوا طعمھ ، ونھلو ا من أصولھ ، ورشفوا من نوره ، إنھ الاستعمال القاضي بالتلاوة(تلاوة القرآن) والذكر السلیم غیر المحرف ، والتأمل والتدبر في الآیات المتعددة بالعقل والقلب والجارحة وجمیع الحواس ، ولا ھذه جمیعھا ھي البصیرة(بصیرة المؤمن)، إذا بھا فقط تنفتح الأبواب عن أسرار الآیات والأسماء ما یحیط بھا من أكوان ویجیش فیھا من فوائد ھي بالفعل شفاء وترقیة وحفظ لكلمن یرغب في ذلك . في فصل ثان من كتاب ((الإلحاد)) ، یبین كاتباه الأوفاق التي یعتقد ھؤلاء الملاحدة أنھم یسخرون بھا الخدام والملوك والشیاطین من حیث یكنون ھم المسخرین(بفتح الخاء). فالخیر إذا أتى فمن عند الله ، أما مادونھ فلن یجيء سوى من الشیطان ومن ولیھ الشیخ ذي البركة وصاحب الحجاب والترقیة والبخور والتعزیمات ، حتى ولو ذكر فیھا الله وتلیت في غمرتھ ا آیاتھ . في فصل ثالث من الكتاب ، تفرد الصفحات لمقارنات دقیقة بین الأسالیب الصحیحة والأسالیب المقلوبة في التلاوة والذكر على السواء ، وكذا بین الممارسین من كلا الطرفین . فبالنسبة لھذا الكتاب ، مثلا ، لا یوجد في الإسلام مكان لما یطلق علیھ البعض لفظ ((الشیخ) ) وإنما ((إمام)) ، وللإمامة كما نعرف شروط وضوابط والتزامات ، ومن بینھا ، أن یكون الإمام أعلم من سیؤمھم بأمور الدین ، وأكثرھم التزاما بما في ھذا الدین من قول وعمل دون أدنى قلب أو تغییر، وأشدھم غیرة علیھ ، وأحرصھم على الذود عنھ...لا أن یكون فحسب ، من أصحاب الكرامات أو ذوي الھیبة والجاه أو الفصاحة والحذاقة ، لأن ذلك كلھ یمكن التوفر علیھ بشتى الطرق والوسائل . لذلك لا توجد المعجزات سوى لدى الأنبیاء والرسل الذین ارتضى الله لھم ذلك ، ولذلك أیضا فضل الله سبحانھ في أحادیث قدسیة كثیرة عباده البسطاء الذین إذا حضروا جمعا لم ینتبھ إلیھم أحد ، وإذا غابوا عنھ لم یسأل عنھم أحد ، وإذا حضرت أحدھم كرامة أو جاءه كشف لبث سرا بینھ وبین خالقھ ، فلا یطلع علیھ أحدا لأنھ ثمرة من ثمرات اجتھاده في التقرب إلى الخالق ألقاھا إلیھ لیحثھ على المزید من التقرب. وأین ھم أصحاب البركة والكرامات الذین یسمع عنھم الیوم من ھؤلاء؟!... |
|
|
|
06-01-2013, 13:30 | رقم المشاركة : 2 | |
|
رد: الإلحاد
بارك الله فيك مولاى شيخ الاسرار |
|
|
|
06-01-2013, 14:48 | رقم المشاركة : 3 | |
|
رد: الإلحاد
جزاك الله خيرالجزاء مولاى شيخ الاسرار |
|
|
مواقع النشر |
يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 زائر) | |
|
|