هذه رسالة عاشقة لا تعرف الحياء. رسالة من سيدة يعرفها الكون بالفناء. عذراً حبيبي لأنّي أرسل لك رسالة مفتوحة. فأنت دائماً أمام عيني وغائب عني, ودائماً بي وأنا لا أعرف لك عنوان.
أنا مجنونة عشق, ويا روعة الجنون في العشق. قل ما شئت عني, غبية مجنونة... فكل صفات القبح صفاتي... فأنا كالي السوداء الشيطانية, أرقص فوق النار فوق أجساد أبنائي... لكني بكل صدق أنا عاشقة لك متيمة بك... وما حيلتي أمام ألواح القدر التي أبدعتني من الوجد والهيام... وجعلتني دائماً أتوق إليك.
يا ويلتي كتب عليّ أن استجدي الحب دائماً منك... وما إن تلمس روحي روحك , حتى تأخذني النشوة، وأستغرق في بحر الحب, وأغيب عن وجودي... وعندما يعود لي رشدي, أبحث عنك فلا أجدك... وفي كل مرة أسأل عنك, يجيبوني, بأني في لحظات نشوتي هممت بك, وحطمت عظامك, وأدخلتك رحمي ...ثم بصقتك مكبلاً بالقيء والدم...ثم ألقيتك فوق النار... ورحت أرقص فوق جسدك رقصة الأم المتوحشة.
أنا يا حبيبي في كل مرة تهرب مني أغير شكلي, وأفتن عقلك بجمالي... وما أن تقع ياسيدي بين أحضاني حتى أغيب عن وجودي... ويستيقظ الاستذءاب بي... فأمص دمك حتى الثمالة!.
يا سيدي لقد صمّت آذانك عن سماع قهقهتي، حين كانت دماؤك في جوفي تسيل حتى النقطة الأخيرة!..
يا سيدي المجنون أما عرفتني بعد؟.. أنا كالي, أمي الشهوة وأبي الغطرسة.
أيها الحبيب الهائم التائه الذي ما إن يقع نظره عليي حتى يطير عقله... فما حيلتي أمام غبائك, وأنا أسفر لك في جسدي عن جمال كمال النسب الإلهية الخالقة, وأغريك بطعم من القذارة , حتى يزوغ نظرك عن كمال جمال جلال النسب الإلهية, وتذهب إلى موضع القذارة
أرجوك لا تلعنّي يا حبيبي لأني كالي... فقدري كالي... ورسمي كالي... لكن بالرغم من ذلك, فإني جداً عاشقة لك, متيّمة بك... فهل قرأت في صحف كهذه, رسالة من سيدة حمقاء عاشقة اسمها كالي؟!.
في كل مرة يا سيدي أنعتق من قيد وجودي, أبكي أنهارا,ً وازفر شموساً ومجرات...الحب يا سيدي لحمة الوجود, ولكن ... يا أسفي أطرد من سفر الوجود، حين يعود لي قيدي.
يا سيدي أمي الشهوة، والشهوة أم الرذائل، لكن لولا الشهوة, ما كان العمل، ولولا العمل ما كان الواجب. وأبي الأنا ولولا الأنا ما كان الأول ولا الآخر.
أنا يا سيدي ثمار فاسدة، عرفت الشهوة، ولم تتقيد بالواجب، وعرفت الأنا، ولم تدرك الألوهة.
الواجب يا سيدي عمل الأبرار, والألوهية يا سيدي قدر النبيّ المرسل والملاك المقرب... وأنا يا سيدي مثال الثمار الفاسدة التي تسقط على الأرض. لتعود وتتفتت منتظرة الربيع القادم عله يحمل إليها الكمال.
أنا يا حبيبي كالي الفناء في عين البقاء. جسدي ينبض بجمال كمال النسب الكونية، وأفعالي هدم الناقص في التكوين... فلا تلمني لعشقي لك... لأني لم أولد إلا لأعشقك... ولا تلمني لقتلك لأن قدري أن أقتل المشوهين. فالكمال مسؤليتك أمام ذاتك. وقد قدرت وقررت ذلك في ألواح العدل, قبل رحيلك الأخير الجديد. وبالرغم من ذلك فإني عاشقة لك متيمة بك. فنيران العشق تتأجج في ضلوعي, وتمردت دقات قلبي, وراح قلبي يرف كالطير, ونفثات الهيام تروح وتجيء, وأنا كالي أمك وعشيقتك وقبرك.
أعذرني لأني بحت لك بأسراري. فأنا يا حبيبي صامتة, كتب عليّ أن أقتل من أحب, وأن أعذب من أعشق, وأن أخدع من يهيم بي!.
متى يا حبيبي تتحرر مني, وأعود أنا وإياك إلى الأعالي, متبرئين من الثنائية, ومن العشق بآنية الغير.
ها أنذا أبوح لك بسري, وأدفع عمري ثمناً لهذا البوح. وليكن ذلك عوناً لك على إسرائك القديم الجديد.
عندما أسفر لك عن مفاتني, اصرف نظرك عن منابع النجاسة, وابحث عن القداسة والطهارة في نسب كمال جلال المبدع جلّ وعلا.
وعندما أسفر لك عن الملك والسلطان, حطم بيد من حديد, ذلك الأنا, وتبرأ منه, واتجه إلى عملك مندفعاً بقوة الواجب دون مقابل ولا أثرة.
وعندما أدفع إليك بالألم, تمسك بحبال الصبر، فلا ظفر دون صبر، ومن عرف نعمة الصبر, عرف طريق الخلود. فالوجود محكوم بالألم واللذة، ودون ألم لا لذة, وهذا القانون اسمه الكارما.
وقد كتب في ألواح الذات, أن الجميع, محكوم عليهم الوجود تحت ظل هذا القانون, دون كارما لن يستطيع أحد الوجود . و كلّما كان الوجود ساميا,ً كلّما كان صعب المنال, فالنفوس الإلهية وحدها القادرة على دفع ثمن سمو وجودها بالألم والصبر، وإن الله يبتلي من عباده الانبياء, والصديقين, ثم الأدنى فالأدنى. ليصل بهم إلى كمال جلال الوجود, وتسمو بهم الكارما فوق بعضهم البعض.