ما هي هذه الأشكال المتحلّلة لمن مات وفارق الدنيا من البشر؟
تُسمّى هذه الأشكال المتحلّلة بالأصداف النجمية. والصدفة النجمية تعني الجثة النجمية، أو جثّة الجسد النجمي بعد أن يفنى ويتحلّل في العالم النجمي تماماً كما توجد الجثة المادية أو جثة الجسد المادي في القبر وتفنى وتتحلّل في التراب. فالروح تغادر الجسد النجمي أيضاً وتنتقل بعد فترة إلى العوالم الذهنية والروحية أو ما تسميه الأديان بالسماوات والجنان، وحين ترحل الروح إلى هذه العوالم فإنها تترك خلفها الجسد النجمي الذي سكنته أثناء وجودها في العالم النجمي مثلما تركت خلفها الجسد المادي الذي سكنته وهي على الأرض. بعد مدة من مغادرة الروح للجسد النجمي يتحلّل هذا الجسد ويفنى مع الوقت عائداً إلى عناصره الأصلية.
تختلف الفترة اللازمة لفناء الجسد النجمي بحسب الأفراد الموتى. فجسد الإنسان الروحاني صاحب التوجّه الديني الروحي لا الدنيوي يفنى ويتحلل في هذا العالم بسرعة شديدة لأن هذا الإنسان لا يملك حباً دنيوياً وطاقة ثقيلة، في حين يستلزم فناء جسد الإنسان المتعلق بالرغبات والطموحات الدنيوية وقتاً أكثر لأن قوته الجاذبة أقوى وأكبر.
إذاً لقد تركَت الأرواح هذه الأجساد النجمية التي تراها وهجَرها أصحابها لذا فهذه الأجساد هي الآن بلا وعي أو إدراك وليس بإمكانها أن تحيا كأشباح أو ظلال في العالم النجمي.
ما المقصود بالظلال والأشباح؟
الظلال أو الأشباح هي الأصداف النجمية التي تركت فيها الأرواح قوة كافية بعد أن غادرتها ورحلت عنها. مصدر هذه القوة هو ذبذبات أفكار وإرادة الأرواح التي كانت تسكنها. هذه الذبذبات تمنح الأصداف شكلاً خارجياً مؤقتاً ومظهراً للحركة والحياة. تتلاشى هذه القوة بعد فترة وتعود الأصداف إلى العوالم السفلية المتفرعة التي رأيناها منذ قليل.
ولكن أين الأرواح التي غادرت هذه الأصداف؟ أرواح البشر الأصلية؟
أعلم أنك ستسألني هذا السؤال، فالجميع يتوقع رؤية أرواح البشر الذين رحلوا عن الدنيا بمجرد العبور إلى العالم النجمي. تابع معي وستفهم أين هي الأرواح.
ذبذباتنا النورانية تتغير الآن وتتبدّل، ما يعني أننا سندخل بُعداً نورانياً جديداً ومختلفاً. الدخول إلى هذا البُعد ليس سهلاً إذ تحرسُه كائنات روحية ذات ذبذبات نورانية عالية جداً. إنه مكان مقدّس. وغير مسموح لأي زائر بالدخول ما لم يكُن نقي القلب والسريرة ومنزلته الروحية عالية جداً. أي إنسان ملوّث القلب، سريرته غير علانيته من المستحيل أن يدخل هذا البُعد النوراني.
هذا البُعد النوراني هو المكان الذي ترتاح فيه الأرواح بعد مغادرتها الجسد المادي على الأرض. ترقد فيه الأرواح بسلام حتى يأذن الوجود لها بمهمة جديدة تناسب حياتها القادمة. هذه المرحلة تعني الإستعداد لبدء حياة جديدة ومختلفة. هذه الأرواح ترقد بسلام في هذا المكان ويغمرها نوم واعٍ دون أحلام. ليست ميتة لكنها نائمة فلا وجود للموت في هذا المكان، ولا وجود لأي طاقة محبِطة أو جوّ كئيب. لا شيء سوى السلام، المحبة والراحة الأبدية. الآن وأنت في هذا البُعد الكوني الذبذبي ولأنك طيب القلب وإنسان روحاني غير مادي ستشعر بوجود كيانات روحية عظيمة في أنوارها ومنزلتها عند الله. لن تراها مجسّدة أمامك فذبذباتها عالية جداً وأعلى من أن يراها أحد من خلال الرؤية النجمية. هذه الكيانات هي الحرَس الروحي لهذا المكان، والذي يحمي الأرواح النائمة بسلام.
إذا تأمَّلتَ أشكال هذه الأرواح ستجد أحدها يختفي وكأنه يتحلل في اللاشيء لكنه لازال موجوداً ولم يتحلل. ببساطة لقد تغيّر مستوى ذبذباته أو منزلته الوجودية وبالتالي فقد أصبح في بُعد كوني آخر لتبدأ هذه الروح حياتها الجديدة بعد الموت.
يصحو عقل الإنسان الميّت في أغلب الحالات بعد فترة من الراحة والتحوّل في المكان الذي رأيناه منذ قليل في العالم النجمي. وفي حالات أخرى يصحو مباشرة بعد إنفصال الروح عن الجسد المادي فيظهر الميّت بجسده النجمي لأحد من أقاربه أو لِمَن يُحِبّ أو في الأماكن التي كان يرتادها ويحب الذهاب إليها، مكتبه، منزله، غرفته، محلّه إلخ... وشهِد العديد من العلماء والحكماء والمتأملين وحتى البشر العاديين ممّن يملكون حاسة نجمية صاحية على حالات كثيرة من هذا النوع. ولكن على الرغم من ذلك فإن الروح التي غادرت الجسد ستنتقل بعد فترة إلى مرحلة النوم التمهيدي في المكان الذي رأيناه.
\
أرواح البشر الروحانيين أو المستنيرين أو الباحثين عن أنفسهم وعن أصلهم الروحي، تصحو بعد الموت بسرعة أو تعي انفصالها عن الجسد المادي بسرعة تفوق السرعة التي تصحو بها أرواح البشر الماديين. والسبب يعود إلى أن الإنسان الروحاني يحتاج قليل من الوقت حتى يصبح جاهزاً ليسكن العوالم العلوية وبالتالي فهو ينام في هذا المكان لفترة قصيرة ومن ثم يغادر إلى عوالم نجمية أعلى. أو إذا كان هذا الإنسان متفوّق روحياً أي مستنير فسوف يتجاوز العوالم النجمية العلوية ويعبُر إلى العوالم التي تعلو جميع العوالم النجمية وهي العوالم التي تُسمّى بالجنان والسماوات، علمياً هي العوالم الذهنية ومافوق الذهنية. أما روح الإنسان العادي فتحتاج وقت أطول وربما سنوات حتى تصحو وتعبُر إلى عوالم نجمية علوية.
أما الروح الدنيوية الدنيّة والمادية فتصحو بسرعة شديدة وتعبُر إلى العالَم السفلي الذي يُناسِب طاقتها الثقيلة وذبذباتها المظلمة، حيث تحيا ميولها ومُثُلها الدنيّة هناك. تحيا ميولها في العالم السفلي حتى تشعر بالإشمئزاز ممّا تعلّقت به ورغِبَت فيه فتصبح جاهزة للتحوّل والصعود إلى العوالم الذهنية والعلوية.
تمضي الأرواح في العوالم السماوية العلوية أوقاتاً عظيمة تحيا فيها نعيم السكينة والسلام، بينما تمضي الأرواح الأقل روحانية وقتاً أقل في هذه العوالم. أما الأرواح المادية فنادراً ما تنعم بنعيم هذه العوالم السماوية. ومن المهم لك أن تعرف أنه كلّما ازداد نضوج الروح وخشوعها وتقواها، كلما كان موعد عودتها إلى الأرض مجدداً وتقمُّصها لجسد جديد، بعيداً... والعكس صحيح. بالطبع توجد إستثناءات تحتّم على الروح العلوية أن تعود إلى الأرض في وقت قصير كنداء الواجب مثلاً بحيث ترتئي الروح أن عليها القيام بعمل روحاني مفيد للبشر في هذا الوقت من الزمان على الأرض."