اذا تأملنا انسانا كالسيد المسيح سنجد ان الكنيسة لا يمكن ان تقدم لمثل هذا الانسان المتنور صورة حقيقية. ما تقوله الكنيسة بإسم المسيح ليس ما قاله المسيح حقا. في الواقع، لا يمكن للكاهن تمثيل المسيح، وكيف له ان يمثلّه وهو من نفس فئة الاحبار لكن في ملابس جديدة. ذات الاحبار الذين ارادوا صلب المسيح، لا خلاف ولا اختلاف.
سواء اكانت المؤسسة التي دعت الى صلب المسيح يهودية ام مسيحية ام هندوسية، لا فرق، فجميعها تعمل بذات الطريقة والمسيح هو انسان متمرد، ثائر ومتى رأت الكنيسة انسانا ثائرا يمشي عكس تيار العادات الجاهلة ويفتح ابوابا حرّمت الشرائع المُعَدة من قبل ناس ملأتها رغباتها السياسية وطوعّت الدين في خدمتها، فعليها تدمير ثورته وتمرده فالمتمرد لا يتبع اثار اقدام من سنّ شرائعه وفقا لمصالح مؤسساته عليها ان تفرض افكارها الخاصة، ومن السهل نثر تلك الافكار اذا لم يكن المسيح موجودا انها تختار ما يُحفظ في الانجيل بما يتوافق ومصالحها واهدافها وما هو عكس ذلك يتم اغفاله على سبيل المثال لم يحوِ العهد الجديد انجيل توما ذلك الانجيل الذي تم اكتشافه منذ سنوات قليلة وله اهمية كبيرة انه اهم من كل الاناجيل الاربعة الاخرى الا انه يحوي ثورة كبيرة داخل صفحاته.
من الواضح ان توما اسرّ رسالة المسيح بشفافية ووفاء، دون تحريف او تلويث، وربما هذا هو السبب لفقدان النسخة المسموح بها من العهد الجديد لذلك الانجيل. وحتى الاناجيل التي احتواها العهد الجديد قد تم تعديلها واستغرق تعديلها وتدميرها قرون.
من دخل في التأمل وعرف نفسه فلا بد له من معرفة المسيح معرفة المسيح معرفة نقية رقراقة تنساب من نور النفس الشفافة التي هي مصدر الكون، انها ليست معرفة عقلية من خلال المعتقد او الانجيل، انها معرفة مباشرة تلك المعرفة هي العرفان، هي لقاء وائتلاف الارواح وجميع الارواح تعيش تجربة الالوهية الواحدة. وحده العقل يعرف الفروقات والخلافات، وتجاوزه يعني تجاوز خلافات الافكار والمذاهب والطوائف... نجد اختلافا بين غيمة وغيمة حين تكون السماء ملبدة بالغيوم، لكن حين تختفي الغيوم تظهر سماء واحدة لا اختلاف فيها ولا تفرقة.
إستسلام المسيح لله لتكون مشيئته هو احتفال وليس تضحية، ليس بؤسا وحزنا. انها رقصة واغنية لملاقاة الرب.
لكن رجال الدين لا يجدون نفعا من طريق الله فمن خلاله لا يمكن لمصالحهم واهدافهم ان تتحقق لذا يعلن الكاهن ان المسيح هو الطريق الوحيد كي يحصل على زبائن وتربح تجارته وتكسب كل رجال الدين التابعين لمختلف المذاهب والملل اتبعوا نفس الاسلوب فاوجدوا تعصباً عانى ولا يزال العالم بأسره يعاني منه.
هذه الفكرة المتجذرة في العقول لها اسبابها... كل انسان يريد ان يرمي مسؤوليته على احد اخر يخلصه من بؤسه وشقائه واثامه، ومن هنا نبعت الفكرة... اذا خلصك ذلك الشخص من كل ذلك ورمى المسؤولية عن اكتافك تتبعه لا محبة فيه او ذوبانا بنور حكمته بل حبا لمصلحتك وجشعك... لا نريد ان نكون مسؤولين عن اي شيء حتى السعادة، لذا علقنا في افكار من هذا النوع، افكار استغلتها مؤسسات معينة وجعلتها تجارتها الرابحة وكلٌّ ينادي على بضاعته والشاطر اللي بيبيع اكتر.
اغلب رجال الدين يريدون ابقاء الناس بسطاء بلهاء دون نضج، مجرد اطفال لا اكثر. والسبب ان بشرية ناضجة تحمل مسؤوليتها على اكتافها لن تحتاج رجال الدين والدعاة للحق والفضيلة، لن يتمكنوا من احتلالهم فليس بالامكان سوى احتلال اولاد صغار.
وما هي الخطيئة التي ارتكبها العالم كي يخلصهم منها أحد؟
اذا كان هناك شيء تريد الخلاص منه فمن ادرى بحالك سواك انت؟ دليلك فيك، واي خطيئة تلك التي نعيشها هنا في هذا الوجود؟ نحن نحيا في الطبيعة، لكن بما ان رجال الدين قد ادانوا كل ما هو طبيعي فمن الطبيعي ان تتحول حياتنا وكل ما نحياه الى اثم وخطيئة، عندها سنشعر بالذنب. والان ستبدا التجارة الرابحة الرائجة لقرون وما زالت... انت مذنب اذا ابحث عن من ينقذك ويخلصك وستجد الكثير من مرشدين ودعاة وكل يسوّق بضاعته واشتري اللي بيعجبك.
حتى كلام الحكماء والانبياء قد تم تحريف اكثره او تعديله او تبديل حروفه او تغيير معناه عند ترجمته من لغة الى لغة اخرى، اوحين ينطق به لسان غير اللسان الاصلي حتى اصبح من المستحيل فهم المعاني والغايات الروحية لكلامهم والتي تتعدى العقل وتتجاوزه ولن يعرفها من اجتهد فكريا فهو لازال في فخ الفكرة ليس اكثر.
فهم معنى كلام المسيح يكون حين تعلو بوعيك مقاما تلو المقام حين تدخل عالم التأمل لتصبح مسيحا اخر...حينها سيلاقي وعيك وعي المسيح انها الطريقة الوحيدة لفهم المسيح. ان تعي من انت وتعرف نفسك يعني ان تعي شيئا مهما هو انك لم ترتكب اي خطيئة كالتي صوروها لك لخلق الذنب بداخلك وكل هذا ما هو سوى تجارة رجال الدين ليس اكثر لتتبعهم وتحتاج لهم.
انت بحاجة الى وعي وتنور،و ليس رجال دين صلبوا المسيح بعقولهم وافكارهم ليتاجروا فيه تجارة ربما ربحت دنيويا لكنها وبكل تأكيد تجارة خاسرة روحيا ولا خلاص لمن تاجر بها.