هناك فئة يتفاعل معها المحتوى الباطني بشكل سلبي ، لا يطيقون سماعه او قبوله كاحتمال ، ليس بهم عيب ولكن كلما اعتقد العقل قسى القلب ، وكلما قسى القلب ، زاد الكبر و اغلقت البصيرة الباطنية و يبقى الانسان محبوس في نموذج المنطق و الاسباب التي يحددها له وهم المعتقد
.
.
.
المُنتقد المحجوب يصاب فيما اعتقد به ، وبالاخص الذي لا يعرف بماذا اعتقد، فكثير من الناس لا يعرف نفسه ، ولا يعرف المعتقد الذي التصق به ، ولكنه اداة له و وعاء يصب فيه عصارته، تحجبه معرفته عن تلقي المعرفة ، وهنا يكمن الخطر على المحجوب وهو ان يصبح بدون تحصين امام القوى التي تريد ان تستعمر اي ذهن لتغذي كينونتها عبره
.
.
.
المحجوب انسان لديه عقل قوي وذكاء لا يقل شأنا، لكنه يفتقر لادراك كيف يعمل الغشاء الذي يعمي القلوب التي في الصدور لا الابصار
.
.
.
بضع اساسيا و احاطة بمجال ما يعطيه ثقة كبيرة ، او قراءة لكتاب و تعرف على منهج ما ، يعطيه وهم المعرفة الحقيقية ، فيبدأ بتصديرها كحقيقة واحدة للذين حوله ، دون ترك مساحة للاحتمال و للذي فوق كل ذي علم عليم.
.
.
. يكون المحجوب اسقاطي ، فيقوم بملء عدسة رؤيته للأمر من زاوية نظره وتأويله ، ويسقط عليه ظنونه فلا يرى الا ما يُري نفسه ولهذا تحتجب عنه الحقيقة كثيرا ويؤخر عليه هذا اكتشافه و أخذ نصيبه من رحيق ازهار تفتحت ففاح عبيرها مؤذنة بان الرحيق لمن هو مستعد لشرب المزيد
.
.
.
المحجوب يعطي اشارة عن امتلاء وعائه بما اعتقد ويكتفي بما وصل اليه و يقف فوق جبل المعتقد ظنا منه انه الجبل الذي يعصمه . لكنه لم يعلم بأن الطوفان دوما يغرق اعلى القمم ، ولا ينجو الا من ركب الفُلك ، وتحرك في تناغم مع محيط المعرفة ، يفصله عن الغرق حكمة رقيقة ترتفع فوق موج فاق الجبال ارتفاعا.
.
.
.
من شروط عدم اعتلال سريرتك والاحتجاب عن حقيقتك ، البقاء في صفة بريئة تجاه معرفة الكون و الرجوع الى البساطه والاعتراف بان فوق كل ذي علم عليم لتفتح لنا ابواب كانت مغلقة و نسمح للحكمة ان تنساب دون كبر او اعتداد .. فكل ما تراه بظاهر عينيك ليس محتما و كاملا ، وسيأتي دوما ما ينقضه و يغرقه فينتهي ، وانظر الى التاريخ لتفهم ان التشبث بالحطام سيغرقك.
.
.
.
الانسان الذي يبقى فتيا في معتقده و بريئا في فطرته و متقبلا للاشارات و منفتحا على حكم الامم و اذنه تسمع للبسيط كما تسمع للعالم الجليل ، سيكون محجوبا عن عن كل لوثة تدنس قدسيته وروحه الطاهره ، فلا يجد المُبلس طريقا لكي يغويه عن صراطه ، ولا يصل لرزقه ليخرجه من الذين انعم الله عليهم وفتح لهم ، فلا سلطان للعدو عليه كما سلطانه على من ضل و من هم مغضوب عليهم لانهم خانوا العهد و اتبعوا العدو الرجيم
.
.
.