اجلس بصمت... تأمل واكتشف وجهك الأصيل
الوجه الحقيقي هو وجهك قبل أن تولد، أو الوجه الذي ستحصل عليه بعد موتك
لأن الطفل منذ لحظة ولادته، يبدأ المجتمع بإعطائه وجوهاً مزيفة... ويبدأ إفساده مع أول نفس يأخذه... فيدخل إلى عالم السياسة والكذب والزيف والنفاق... والآن صار لديه طبقات فوق طبقات من الوجوه.
والشخص الذكي عنده وجوه أكثر بكثير من الشخص البسيط
متى ما دعت الحاجة يمكنه بسرعة أن يستبدل الوجوه
هل لاحظتَ مرة وأنت جالس في الغرفة، ومرّ الخادم من أمامك؟ لديك وجه مختلف تظهره للخادم يختلف تماماً عن الوجه المخصص لزوجتك مثلاً.. وفي الواقع أنت حتى لا تنظر للخادم فهو غير جدير بالنظر! لا تدرك أنه إنسان مثلك وقد دخل للغرفة، وكأنه آلة تسير لا أكثر! ...لكن إذا مر بالغرفة مديرك ستقف فوراً وتهز ذنبك وتبتسم مثلما يفعل الجميع... وتريه الوجه المخصص له... وكذلك لزوجتك وجه مختلف عن الوجه المخصص لعشيقتك وساحبتك.
وتستمر دائماً بضبط العيار والتحكم بنفسك وبغيرك...
يجب على المرء فهم هذا وإلا لن يتمكن من إيجاد وجهه الأصيل
الإنسان الذي يملك وجهاً أصيل، لديه توحيد وتكميل
وهو يبقى دائماً كما هو...
وجهه يشبه ماء البحر: متى وأينما ذقته سيكون طعمه مالحاً مليحاً دائماً
وهذا هو المستنير: يظهر دوماً وجهاً واحداً للجميع
ليس أنه ممل وبليد... انتبه من سوء الفهم هنا..
في الواقع الأشخاص العاديين وجوههم مملة جامدة لأنهم موتى
المستنير حيّ.. ينمو ويسمو.. لكن وجهه ملكه لا ملك أي أحد
يستمر الوجه بالبريق ويزداد إشعاعاً يوماً بعد يوم.. يزداد وعياً وحياة وجمال..
نور ونعمة تزداد في وجهه وكأنها هالة سماوية من نجوم ومجرات..
لكن، يبقى دائماً نفس الوجه
يمكنك أن تكتشفه بنفسك من بين ألوف الناس...
وجهه فيه: استمرارية منقطعة... أو انقطاع مستمر
يتغير ولكن يبقى هو ذاته
يبقى هو ذاته لكنه يتغير
يمكنك ملاحظة الاستمرار والاستقرار، وكذلك ملاحظة النمو والأنوار
النمو يحدث دائماً للوجه الأصيل، تذكر... الوجوه المزيفة لا تنمو لأنها ميتة
ليس فيها حياة فكيف تنمو؟.. إذا جلبتَ أزهاراً بلاستيكية، يمكنك الاحتفاظ بها فترة طويلة وخداع الناس بها لكنها لن تنمو.. الحياة والحقيقة هي فقط التي تنمو.
وإذا كنتَ لا تنمو فأنت ميت... تذكر أن كل لحظة في حياتك يجب أن تحقق لك نمواً ما.. وعلى المرء أن يستمر بالتحرك لكن مع البقاء في المركز متصلاً بالجذور.
يمكنك أن تخدع غيرك، لكن لن تخدع نفسك... لكن هناك بعض الناس الأذكياء جداً جداً يمكنهم حتى خداع أنفسهم! إنهم أسوأ أعداء لأنفسهم...
تم سحب جحا في أحد الأيام من النهر، وقرر الشرطي أنها كانت محاولة انتحار.. أثناء استجوابه في المخفر اعترف جحا وقال لهم: نعم، حاولت أن أقتل نفسي... العالم كله ضدي وأردتُ أن أنهي حياتي... وكنت عازماً ألا أعمل ذلك بتردد أو بشكل ناقص، لذلك اشتريت حبلاً، أعواد كبريت وبعض البنزين، ومسدس... فقط كاحتياط إذا فشل أحدها... ذهبت بالقارب لمنتصف النهر، ربطت الحبل بغصن متدلي وربطته برقبتي كمشنقة، سكبت البنزين على نفسي والقارب وأشعلت عود الكبريت.. قفزتُ من حافة القارب ووضعت المسدس على رأسي وضغطت الزناد...
وتخيلوا ماذا حدث؟ لم أصب نفسي.. انطلقت الرصاصة لتقطع الحبل قبل أن أقدر على شنق نفسي، فوقعت في النهر والماء فيه أطفأ النار قبل أن أقدر على حرق نفسي!... وأنتم تعرفون، لو أنني لم أكن سباحاً ماهراً، لكنتُ انتهيت غرقاً يا لحماقة نفسي!!!
هكذا تسير الأمور... تريد فعل شيء، رغم أنك لا تريد فعله.
تذهب لكنك لا تريد الذهاب.. تعيش لكنك لا تريد الحياة... حتى أنك تحاول الانتحار لكنك لا تريد أن تنتحر.. لهذا لا تنجح إلا محاولة انتحار واحدة من كل عشرة، ويبدو أنه حتى تلك بسبب خطأ ما!
الناس يعيشون في تناقض هائل.. ببساطة لا يعرفون كيف يفعلون شيئاً من كامل قلبهم.. بكلية كيانهم... والسبب تعدد الوجوه.
انظر الآن في المرآة بصمت... تأمل.. وتذكر وجهك الأصيل يا جميل
مختارات من علاء السيد بيت السلام