سلام الله عليكم
ما المقصود بالظاهر والباطن؟
الظاهر هو ما يدرك بالحواس أو اللغة المباشرة النص .. الشريعة أو الأفعال و هذا يتمثل في الصلاة .. الصوم .. الحج .. الحدود .. وغيرها.....
الباطن هو المعنى الداخلي .. الغاية .. الحكمة .. التجربة الروحية التي وراء العمل الظاهر مثل الخشوع في الصلاة .. تزكية النفس بالصوم .. القرب من الله في الحج....
في الفكر الإسلامي الراشد الظاهر والباطن ليسا نقيضين بل وجهان لحقيقة واحدة
فالظاهر هو الجسد .. والباطن هو الروح .. لا معنى لأحدهما دون الآخر.
و لكن من زمن بعد هناك تناقض و تصارع بين الفكر الظاهري و الفكر الباطني و التاريخ الديني والإنساني مليء بهذا الصراع ..
- هناك من غرق في الظاهر حتى جعل الدين مجرد طقوس شكلية بلا روح.
وهناك من غرق في الباطن حتى هدم الشكل وقال اكتفي بعقلي و قلبي ..
لكن لتتبه هنا التوازن الحقيقي بينهما لايمكن ... لأن الباطن — بطبيعته — لا يقاس .. والظاهر — بطبيعته — يقاس.
والإنسان يميل دائما إلى أحد القطبين .. إما الطاعة الحرفية أو الحرية الروحية .
السؤال الذى يتكرر علي كثيرا منذ اربعين سنة ؟ كيف يمكن فهم الباطن دون هدم الظاهر؟
أهم شيء يجب فهمه يا ابناء الطريق الباطن يبنى على الظاهر لا ضده.
مثلما لا يمكن أن توجد روح بلا جسد لا يمكن أن يفهم المعنى الباطني دون المرور عبر العمل الظاهر.
الصلاة ... مثلا .. ليست مجرد حركات .. لكنها المعبر الذي يوصلك إلى المعنى الباطني (الخشوع والاتصال بالله) فلو ألغيت الحركات .. هدمت الجسر الذي يعبر عبره القلب.
علما هنا أن الظاهر يوجه الباطن ويحميه و الظاهر هنا نعني به (الشريعة) التى هي مثل الإطار الذي يحافظ على اتجاه الطاقة الروحية حتى لا تنفلت وتتحول إلى فوضى أو هوى شخصي.
فالظاهر يقي الباطن من الانحراف.. كما يقيد النهر مجراه ليظل نافعا لا مدمرا.
طيب نجي للباطن و نقول الباطن يحيي الظاهر ويمنعه من الجمود.
....... بدون المعنى الباطني تصبح العبادات عادة مكررة بلا حياة.
الباطن هو النية .. الخشوع .. الحضور .. أي الروح التي تعطي للظاهر طعمه وحرارته.
المشكل الذى يقع هنا هو مشكل الشخص الذى يفصل في حياته بين الظاهر و الباطن فان تم ..
هدم الظاهر باسم الباطن يصبح ساعتها الدين رمزيا فقط بلا التزام عملي فيضيع النظام الأخلاقي والاجتماعي.
و التمسك بالظاهر ونسيان الباطن يحول الدين إلى طقوس جافة بلا وعي ولا حضور وتضعف الروح.
هنا يمكن ان نقول ..
الظاهر هو طريق الباطن ... والباطن هو روح الظاهر.
فمن هدم أحدهما فقد هدم كليهما.
إذن .. الباطن لا يلغى الشكل بل يتجلى فيه.
كما أن النور لا يرى إلا في المرآة .. كذلك الحقيقة لا ترى إلا في صورة الشريعة.
فحين يعبد الإنسان ربه بصدق يبدأ من الظاهر (الصلاة .. الصوم .. الذكر).
ثم يدخل تلقائيا إلى الباطن (الخشوع .. الذوق .. المعرفة).
ثم عندما يعود إلى الظاهر يراه بعين جديدة .. وهذا هو المعنى العميق لقول سيدنا صلى الله عليه و سلم ( أن تعبد الله كأنك تراه .. فإن لم تكن تراه فإنه يراك )
فهنا جمع بين العمل الظاهر (العبادة) والمشاهدة الباطنة (الإحسان).
فيجب علينا ان نفهم الباطن دون أن نهدم الظاهر.
لأن الظاهر هو الوعاء الذي يحفظ الباطن .. والباطن هو النور الذي يضيء الظاهر.
لأنه .. إذا ألغيت الشكل .. ضاع المعنى.. وإذا تجمدت عند الشكل.. مات المعنى.
والتكامل بينهما هو ما يصنع دينا حيا .. وعقلا متوازنا.. وروحا متصلة.