اسرار علم الباطن
 اسرار علم الباطن
قناتنا على يوتيوباتصل بنا عبر سكايب

الانتقال للخلف   أسرار علم الباطن > الحوار العام > مشاركات حرة

مشاركات حرة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 17-05-2017, 22:12   رقم المشاركة : 1
الباسل
 
الصورة الرمزية الباسل






الباسل غير متواجد حالياً

الباسل has a brilliant future


افتراضي الحق

بسم الله الرحمان الرحيم و صل الله على سيدنا محمد كاشف الغمة و منير الظلمة و على اله و صحبه و سلم،
أحد ألسائلين سأل صديق لى عن كيفية معرفة الحق فاجابه بالتالى:
ولكي نتعرف على الحق لابد من معرفة الدلائل والوسائل المؤدية إلى معرفته .. ثم نتعرف على كيفية الوصول إلى جناب الحق سبحانه وتعالى ..

الجزء الأول :
* سر قوله تعالى : (سَنُرِيهِمْ آَيَاتِنَا فِي الْآَفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) (فصلت 53) .

هذه الآية ينطوي في معانيها وأسرارها قسم من علوم الرسالة ، بدليل قوله تعالى : (كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آَيَاتِنَا) (البقرة : آية 151) ، والآيات هي القسم الأول ، وقوله تعالى : (وَيُزَكِّيكُمْ) هو القسم الثاني ، (وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ) هو القسم الثالث ، (وَالْحِكْمَةَ) هي القسم الرابع ، (وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ) هو القسم الخامس .

والآيات هي العلامات والإشارات التي وضعها الحق ليعرفه بها أولوا الألباب ، وهي المرائي النورانية التي يظهر فيها وجه رب البرية ، تظهر فيها قدرة القدير ، وحكمة الحكيم ، وصنعة الصانع الخبير ، ففي آفاق الفضاء يظهر وجه الحي في الهواء ، وفيه تظهر رحمته ، وتظهر في الرياح نعمته ، وفي آفاق السماء يظهر وجه الرافع ، وفي الشمس والقمر والكواكب يظهر وجه النافع ، وفي آفاق البحار والأنهار والآثار تظهر الأنوار والأسرار ، ويلوح وجه الحي الذي أوجد من الماء كل شيء حي ، وفي آفاق الأرض ووديانها يظهر وجه الخافض الذي خفضها ، ووجه الخلاق الذي خلقها ، وفي كل أفق من الآفاق يظهر فيه وجه المنعم الرزاق .

آيات جلية ، وتجليات إلهية ، وأنوار أسماء ربانية ، تتجلى وتظهر في كل أفق ومظهر ، وفي نفس الإنسان من الآيات والعجائب والأسرار والغرائب ما حير الباحثين ، وأدهش العارفين ، ففي دائرة السمع تشرق أنوار السميع ، وفي دائرة البصر تظهر آثار البصير ، وفي دائرة اللسان تظهر أسرار المتكلم المبين ، الذي خلق الإنسان علمه البيان ، وفى دائرة الخيال والوهم ، والفكر والفهم ، والعقل والروح والقلب ، والنفس والسر ، وجميع الجوارح البدنية ، واللطائف المعنوية ، كل دائرة من الدوائر تظهر فيها آيات من آيات العلى القادر ، وفي دائرة العلم يشرق نور العليم ، وفي دائرة الحكمة يشرق نور الحكيم ، وفي دائرة الرحمة يشرق نور الرحيم ، وفي كل دائرة في الإنسان ظاهرة يشرق فيها نور الظاهر ، وكل دائرة في الإنسان باطنة يلوح فيها نور وجه الباطن : (نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ) (النور : آية 35) .

فالإنسان هو المثال الجامع لكل الآيات ، وهو الصورة التي تجلت فيها معاني الأسماء والصفات ، من عرف ما فيها عرف ربه ، ومن كوشف بأسرارها رأى الحق حيث ولى وجهه ، قال تعالى : (سَنُرِيهِمْ آَيَاتِنَا فِي الْآَفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ) ، وقال تعالى : (وَفِي الْأَرْضِ آَيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ . وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ) (الذاريات : آية 21،20) ، فالإنسان هو المرآة الكاملة التي تظهر فيها أسرار الحق شاملة ، وتظهر فيها كل الآيات الدائمة المجلوة ، والآيات المتلوة ، لأن الآيات أنواعها كثيرة لا تحصى ولا تحصر ، وألوانها عديدة لا تحد بلون أو مظهر ، منها :

آيات ثابتة دائمة كآيات الأرض والسماوات وما بينهما ، ومنها آيات من خوارق العادات كالمعجزات والكرامات ، قال تعالى : (وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آَيَاتٍ بَيِّنَاتٍ) (الإسراء : آية 101) ، وهناك آيات متعلقة بالأسباب والاختراعات ، وآيات متعلقة بطبيعة الكون وحركات الأفلاك ، وكلها مكالمات إلهية ، ومخاطبات ربانية ، وإشارات قدسية ، يكلم الله بها العباد ، ويخاطب بها أولي الألباب ، قال تعالى : (إن فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ) (آل عمران : آية 190) ، من تدبر في أمرها ، وفكر في شأنها ، ونظر بعين العقل والروح إلى أسرارها ، رأى ظل الحق جهارا ، وشاهد وجهه نهارا ، مع النزاهة الإلهية ، وسمع خطاب الحق مع القداسة السرمدية ، لأن الله واحد لا شريك له ، وكل الموجودات ظله وأنواره ، وآياته وأسراره ، من فك رمزها ، وفتح كنزها ، صار كليما شاهدا حكيما ، يرى الحق في كل شيء ، ويسمعه في كل شيء ، وقبل كل شيء ، وبعد كل شيء ، بل لا يرى غير الله من شيء : (كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ) (القصص : آية 88) ، وهو منزه عن كل شيء ، وجميع الأشياء شيء ولا شيء : (هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآَخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ) (الحديد : آية 3) .

وكل ما يراه الحس خيال في مرآة ، وظلال في ماء صاف : (كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ) (الرحمن : آية 26) ، وبعين الإيمان والإحسان والبيان ، ترى الروح وجه الرحيم الرحمن : (اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ) (النور : آية 35) : (سَنُرِيهِمْ آَيَاتِنَا فِي الْآَفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ) ، فالله يريهم ويشهدهم بنور من نوره ، وعين من ضياء سر البصيرة ، وبها يرون الحق ظاهرا جليا ، ويشهدون وجهه علنيا ، إذا منّ عليهم بالرؤية من نور نزاهة قدرته ، ويسمعون كلامه ، إذا أعطاهم من فضله سمعا من سمعه ، وهو السميع ، وما كان عطاء الله محظورا ، وهو على كل شيء قدير .

ويدل على صحة كل ما نقول قوله تعالى : (أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) ، وهو بكل شيء محيط ، وهو مع كل شيء ، وعند كل شيء ، وفوق كل شيء ، وأقرب للشيء من نفس الشيء ، وهو موجود ولا شيء معه ، وكل الأشياء فانية في وجودها ، هالكة مع ظهورها ، كنور المصابيح حال تيار الكهرباء ، مضيئة مع الفناء ، وهو مشهد فوق عقل العقلاء ، وفهم العلماء ، وإدراك الحكماء ، ولا يصدق به إلا المؤمنون ، ولا يشهده إلا المحسنون .

نسأل الله تعالى أن يرزقنا إيمانا كاملا ، وإحسانا متواصلا ، ويقينا يوصلنا إلى أعلى درجات المقربين ، إنه على كل شيء شهيد .







رد مع اقتباس
قديم 17-05-2017, 22:53   رقم المشاركة : 2
الله أكبر
 
الصورة الرمزية الله أكبر






الله أكبر غير متواجد حالياً

الله أكبر has a brilliant future


افتراضي رد: الحق

وجدتهم كلهم الأن وبقيت في شك وظن من أمري ودخلت للمجمع هنا,فأول موضوع رئيته,هو موضوعك هذا:

الحق


إنه حقا الحق والحمد للّه الحق المبين وذاب الشك والظن...

فالشكر لك وهو الجزيل يا الشيخ الباسل.

والسلام!






رد مع اقتباس
قديم 18-05-2017, 07:35   رقم المشاركة : 3
محمد ابو الياس
 
الصورة الرمزية محمد ابو الياس






محمد ابو الياس غير متواجد حالياً

محمد ابو الياس has a brilliant future


افتراضي رد: الحق

بارك الله فيك ولك وعليك أخي الباسل ونور طريقك ويسر أمورك. موضوع رائع وجميل، مأنس وليس ممل. ارجع له كل مرة ولا اشبع من قرائته.
نعم أخي الغالي لهذا يقال من عرف نفسه عرف ربه.
الحق







التوقيع :
رد مع اقتباس
قديم 18-05-2017, 11:57   رقم المشاركة : 4
الباسل
 
الصورة الرمزية الباسل






الباسل غير متواجد حالياً

الباسل has a brilliant future


افتراضي

الأخ الفاضل "المكبر" نسأل الله أن يستعملنا لما يحبه و يرضاه و يستخدمنا لما فيه الخير و الفلاح و شكرا لك على مرورك العطر

الحبيب الغالى محمد أبو إلياس أشكرك على دعواتك و لك بمثل ما دعوت لى و نسأل الله أن يعرفنا إياه حتى لا نشهد سواه و لا نلتفت لغيره بحيث إذا كنا معه لا نكون و يفنى الكل و يبقى هو وحده لا شريك له لأنه إذا غبنا حضرنا و إذا حضرنا فنينا. بارك الله فيك أخي و زادك الله نورا و عزا و معرفة فى ضلال معرفة الحق







رد مع اقتباس
قديم 18-05-2017, 14:09   رقم المشاركة : 5
ابو امنة
 
الصورة الرمزية ابو امنة






ابو امنة غير متواجد حالياً

ابو امنة has a brilliant future


افتراضي رد: الحق

جزاك الله كل خير اخي







رد مع اقتباس
قديم 18-05-2017, 21:57   رقم المشاركة : 6
الباسل
 
الصورة الرمزية الباسل






الباسل غير متواجد حالياً

الباسل has a brilliant future


افتراضي رد: الحق

استكمالا للمقال السابق لكشف الستار عن معاني وأسرار (الحق) ..

الجزء الثاني :
* سر قوله تعالى : (فَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ) (البقرة 26) .

هنا نقف على أبواب مدائن علوم الإيمان حيارى ، وبخمرته سكارى ، وبأسرار صفاته وعلو مكانته موقنين ، قد افتتح الله هذا السر بكلمة الشرط والتفصيل ، ليعرفنا أن مقام علوم الأمثال مرتبط بمقام الإيمان ، فلا يعلم أسرار الأمثال ويشهد أنوارها إلا أهل الإيمان ، الذين يؤمنون بالله تعالى ورسوله ﷺ ، فيدخلون مدرسته ، ومن دخل المدرسة تعلم ما فيها من العلوم ، وعِلْمُ الأمثال وعِلْمُ الإيمان لا يعلمه إلا من عَلَّمَهُ الرحمن ، والرحمن لا يُعَلِّمَ إلا من اتقاه ، وخضع لتعاليمه ، واتبع رسوله ﷺ في شرعه ، وسنته القولية والعملية والأخلاقية ، وتجمل بعقيدة الرسول ﷺ ، وعبادته وكمالاته ومعاملاته ، وأما من خالف الرسول ﷺ ، ووقف عند بحثه وعقله ، وفهمه وإدراكه ، كادا بالدليل ، ومعتمدا على الدرس والبحث والقياس ، والتنقيب في المتون ، وبطون الكتب ، فهذا لا يصل إلى علوم الأمثلة ، ولا يشم رائحة الإيمان ، ويكون مثله كمن تلقى علوم الهيئات والنظريات ، ولم يطبق العلم على العمل ، كحامل أكبر شهادة في علوم الزراعة ولم يعمل في الحقل ، فهو أجهل من صغار الزراع ، الذين لم يأخذوا مباديء تلك العلوم في السَّنَة الإبتدائية .

ومن هنا نقرع باب مدرسة الإيمان ، ونبحث عن أهلها ومدرسيها ، لنعلم الحق من ربنا كما أشارت هذه الآية ، وكأن الله تعالى يقول لنا :
(إن أردتم أن تعلموا أسرار أمثالي ، الدالة على جمالي وكمالي ، فابحثوا عن أهل الإيمان والعلم ، فهم الذين يعلمون أنه الحق من ربهم) .

والإيمان ، وما أدراك ما الإيمان ..
الإيمان : نور من نور الله جل جلاله ، وصورة من عالم الغيب ، وبصيرة من الله ، يمن بها على من يشاء من عباده ، ويتفضل بها على من يحب من أحبابه ، وهذه البصيرة هي عيون من عيون الملكوت ، ترى المعاني العلية ، والأسرار الربانية ، والغيوب الخفية ، ومثلها كمثل البصر في الرأس يرى الأرض والسماء ، والبصيرة في القلب ترى معاني الصفات والأسماء ، وكما أن الله زين الوجه بالسمع والبصر ، كذلك زين القلب بالإيمان والبصيرة ، قال تعالى : (وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ) (الحجرات : آية 7) .

فالإيمان عين المحبة الإلهية ، وزينة من زينة رب البرية ، ونعمة من أكبر النعم الملكوتية الباطنية ، وأهله هم سادة البرية ، اصطفى الله منهم الأنبياء والمرسلين ، والصديقين والشهداء والصالحين ، والمخلصين والصادقين ، وهم أئمة الورى في كل زمان ، وهم في زماننا هذا هم الورثة لرسول الله ﷺ ، وهم الأولياء لله ، وهم أهل العلم بالله ، وبرسالات الله ، وكأن الله تعالى يقول مشيرا بهذا السر :

(إن أهل الإيمان عندي هم العلماء ، وهم الذين يتعلمون ، ويحملون شهادة النجاح والفلاح ، وهم الذين يرون وجهي في الدنيا والآخرة ، ويشهدون نور الحق في أمثلة صور الخلق) .

قال تعالى : (فَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ) ، يعني : وأما الذين استنارت قلوبهم بنور الإيمان ، وشهدت سرائرهم أسرار آيات الله في الأكوان ، ودقة صنعة تصويره في الحيوان والإنسان ، وعلمهم الرحيم الرحمن ، فهم الذين شاهدوا الحق ظاهرا ، والنور باهرا ، ورأوا الخلاق في مرائي المخلوقات ، ورأوا وجه المكون في جميع الكائنات ، والصانع الحكيم في جمال المصنوعات ، وشهدوا حيطة الكمال في أكبر مثال وأصغر مثال ، والإيمان مذكور في مواضع كثيرة في القرآن ، وهو بضع وسبعون شعبة .

وكلمة الإيمان هنا مشيرة إلى أن الإيمان هو مفتاح العلم اللدني ، والشهود الرباني ، وهو شرط للوصول إلى كشف أسرار الحق في أمثلة الخلق ، لأن كلمة الإيمان جاءت بعد ذكر مثل البعوضة وما فوقها ، ثم جاء الشرط بقوله تعالى : (فَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ) ، فذكر الله شرطا وإشارة وإيمانا ، وعلما وحقا وربا :

فالشرط : يفيدنا أنه لا ينال أحد العلم بالأمثال إلا بالوسيلة .
والإشارة : تفيدنا أن الإيمان مخصوص لمخصوصين ، لا لكل الناس أجمعين .
وكلمة الإيمان : تفيدنا أن من حُرِم الإيمان ، ومُنِح علوم الأولين والآخرين ، لا يرى وجه الحق أبدا .
وكلمة العلم : أفادتنا بأن الإيمان محتاج إلى العلم ، والعلم محتاج إلى الإيمان ، سر قوله تعالى : (وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمَانَ) (الروم : آية 56) .
وكلمة الحق : بعد ذكر الإيمان والعلم تفيدنا أن الله إذا وهب لعبد إيمانا وعلما كاشفه بنور وجهه ، وأطلعه على أسراره ، وأظهر له الحق جليا.
وكلمة الرب : في الختام تشير إلى أن هذا الإيمان والعلم والشهود هو من الدائرة الربانية ، سر قوله تعالى : (كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ) (آل عمران : آية 79) .

وإجمال هذا السر الذي انطوى في تلك الآية : أن كل من حُرِم الإيمان ، لا يدرك سرا من أسرار القرآن ، ولا يفهم مثلا من أمثلة الوجود ، ولا يدرك حكمة وجوده في هذه الحياة ، ولو وقفنا عند كل سر من أسرار الآيات ما استطعنا في حياتنا كلها أن نوفيه حقه ، أو نصل إلى بيانه وتفصيله ، ولكننا نكتفي من كل بستان بثمرة ، ومن كل بحر بغرفة ، لأن السطور لا تستطيع حمل معاني أسرار كلام الغفور ، لأنه آيات بينات في الصدور ، والصدور هي صحف العليم الشكور .

وإلى لقاء آخر إن شاء الله تعالى مع أسرار (الحق) .







رد مع اقتباس
قديم 21-05-2017, 22:08   رقم المشاركة : 7
الباسل
 
الصورة الرمزية الباسل






الباسل غير متواجد حالياً

الباسل has a brilliant future


افتراضي رد: الحق

استكمالا للمقالات السابقة لكشف الستار عن معاني وأسرار (الحق) ..

الجزء الثالث :
* سر قوله تعالى : (وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) (البقرة 42) .

وأما أسرار هذه الآية فهي فوق البيان ، وحيطة الأكوان ، وطاقة الإنسان ، لأن فيها :
- سر التباس الحق بالباطل .
- وسر كتمان حق مع العلم به .

أسرار ربانية ، فوق مدارك العلوم الإنسانية .

• السر الأول : في قوله تعالى : (وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ) .
اللباس : هو الستر ، وهو الثوب الذي يغطي الجسم ، ويخفي لونه وكيفيته ، وما هو عليه من جمال أو قبح .
ولبس الحق بالباطل : هو أن تظهر للناس صورة الحق والصدق ، وتخفي صورة الباطل والكذب في ضميرك ومقصودك ، وهي كل كلمة حق يريد بها قائلها الباطل .

واليهود كانوا يصورون للناس كلامهم أنه هو الحق في شأن محمد ﷺ ، وأنه هو الصدق ، وأن نعته وصفاته غير تلك الصفات المتصف بها محمد بن عبد الله ﷺ ، ويقولون أن هذا هو وصف التوراة ، وهو لبس وتغطية ، وغش ونفاق ، وليس أدق على الناس في الفهم والإدراك مثل لبس الحق بالباطل ، لأنه أمر متشابه لا يعرفه إلا النقادون والمبصرون .

ولبس الحق بالباطل أمر خطير ، وهو بلية العالم من بدء الدنيا إلى الآن ، وأول من ألبس الحق بالباطل إبليس ، حيث قال لآدم : (هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ) (طه : آية 120) ، وهو لم يزل يقوم بتلك الفتنة المهلكة ، وله في كل أمر من أمور الحق لبس وتزيين ، ففي الوحي له وحي مزخرف هو وجنوده من الجن والإنس ، قال تعالى : (شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا) (الأنعام : آية 112) ، وله علم مزيف ، وله ولاية كاذبة ، وله في كل ناحية من نواحي الحق صورة مزينة ومزخرفة ، تلتبس على الجهال بالحق وهي باطلة .

ففي مقام النبوة كم زين لكثير فادعوها ، وفي مقام الولاية كم فتن أناس بفتنه فافتروها ، وفي مقام الإصلاح كم غرر بأقوام كثيرين فقاموا ينادون بالإصلاح ، وهم مجردون من الصلاح ، وكم من زعماء وقادة تزعموا شعوبا وأمما وغرروا بهم ، وقادوهم إلى طريق الذل والبوار والخسران ، وهم يقولون لهم : إن هذا هو الحق والخير ، وطريق الفوز والانتصار ، وكم من رؤساء قادوا جماعات ، وألبسوا عليهم الحق بالباطل ، وهم يعلمون أنهم خادعون ، وهذه سنة إبليسية يهودية ، نسأل الله أن يحفظ المسلمين من خطوات الشياطين .

• السر الثاني في قوله تعالى : (وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) .
الكتمان : هو إخفاء الأشياء عن الغير ، ضنا بالبر والخير ، أو ضنا بالشر أن لا يصل إلى من يسيئه ، والذين يكتمون الحق عن أهله مَثَلُهُم كمثل من منع الطعام والشراب عن الإنسان حتى مات ، بل أن موت الأجسام أقل خطرا وضررا من موت القلوب والأرواح ، لأن موت الأجسام أمر لابد أن يقع لكل إنسان ، وكل حي يموت ، وكل نفس ذائقة الموت ، ولكن موت القلوب هلاك أبدي ، وخسران سرمدي ، والذين يكتمون الحق هم شياطين الإنس وأبالسة البشر ، ولما كان اليهود قد كتموا الحق ، وهم على علم به ، وكتموا عن الناس صفات النبي ﷺ ، وحرموا كثيرا من أبنائهم وكثيرا من الناس هذا الفضل ، نالوا بهذا العمل الخطير ، والشر الكبير ، غضب العلي الكبير ، فخصهم بلعنته وسخطه وغضبه ، فهم المغضوب عليهم في إشارة أم الكتاب ، ولهم في الآخرة سوء العذاب .

وإلى لقاء آخر إن شاء الله تعالى مع أسرار (الحق) .







آخر تعديل الباسل يوم 21-05-2017 في 22:09.
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 زائر)
 

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأينا ولا نتحمل أي مسؤولية قانونية حيال ذلك (ويتحمل كاتبها مسؤولية النشر)
نحن غير مسؤولين عن اي تعامل مالى بين الاعضاء و كل عضو يتحمل مسؤولية نفسه

الساعة الآن 23:57


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc. Trans by
أسرار علم الباطن 2006-2022
منتدى العلوم الباطنية و الأسرار الخفية