|
|
28-12-2014, 07:34 | رقم المشاركة : 1 | |
|
من نحن ؟
مامن شكٍّ في أنّ الإنسان ومنذ أن إمتلك الدّماغ المفكّر منذ وقتٍ بعيدٍ في التّاريخ هو في حالةٍ لايحسد عليها سببها إمتلاكه الوعي الذي ترافق مع تطوّر هذا الدّماغ...هذا الوعي وإن كان قليلاً وقليلاً جدّاً للعالم الّذي وُجد فيه ولنفسه أيضاً. إذ مايزال القل الوجودي أهمّ أخطر مايسيطر على وعيه. الإنسان هذا الحيّ الذّي سلّحته الطّبيعة بأهمّ سلاحٍ للعيش والسّيطرة أعني العقل ( جون ديوي) فهل كانت عمليّة إمتلاك الوعي بسبب نموّ هذا الدّماغ المفكّر في الإنسان نعمةً أم نقمةً؟ إنّها وللأسف الحالتان معاً فهي نعمةٌ إذ وفّرت لهذا الكائن القدرة للسّيطرة على الطّبيعة وإن بشكلٍ لابأس به حتّى السّاعة ممّا يساعده على الإستمرار في العيش وإن لم يكن على الشاكلة الّتي يريدها وهي نقمةٌ في الوقت ذاته لأنّها وعلى التّوازي مع إحساسه بالقوّة والعظمة في سيطرته على بعض قوى الطّبيعة (وهذا ليس بالقليل ) التي عرفها والإستفادة منها بولوجه عصر الفضاء وتقنيّات النانو متر لكنّها أبقته رهين فترةٍ زمنيّةٍ محدودةٍ هي عمره الذّي يعيشه على هذه الأرض ككائنٍ حيٍّ فردٍ ممّا جعله إلى جانب شعوره بالقوّة والعظمة يشعر بالضّعف والضّآلة التّامين - يقوم علم النّفس بكلّ فروعه ومدراسه بالعمل على حلّ مشكلات الأفراد النفسيّة في محاولةٍ جادّةٍ لإعادة دمجهم في بيئاتهم وإستمرار ممارستهم لحيواتهم بشكلٍ طبيعيٍّ ومن باب الإشارة الّتي لابدّ منها ليس أكثر تجلّت معالجات هؤلاء الأفراد المأزومين نفسيّاً عبر ثلاث نوافذ: 1- نافذدة فرويد والّتي رأى منها كما يقول ماهو سبب مشاكل الفرد المأزوم نفسيّاً والّذي هو الليبيدو الّذي يتحكّم باللاشعور 2- نافذة كارل غوستاف يونغ والتي رأى منها سبباً آخر غير الذي رآه فرويد ألا وهو الأسطورة والّتي تتحكم بما أسماه الخافية 3- نافذة إيريك فروم والتي رأى منها غير مارآه السابقان فرويد ويونغ فكان السبب هو التّناقض الذّي يجتاح لاوعي الإنسان والصراع المستمّر بين ماأسماه نيكروفيليا وبيوفيليا أي الدّعوة إلى الموت والدّعوة إلى الحياةإنّ كلّاً من هؤلاء العظماء الثّلاثة يرى أنّ مسألة معالجة الإنسان من الأمراض النّفسيّة وقدرتها على إتمامها وإنجاحها يتوقّف على فهمنا لما يجري في اللاّشعور وكلٌّ من خلال نافذته الّتي فتحها في جدار اللّاوعي وإعتقدَ أنّه فتحها في المكان الصّحيح من الواضح هنا وبكلّ وضوحٍ أن هؤلاء ثلاثتهم حاولوا رؤية ما يحدث في اللّاشعور دونما فهم لبنية ولآليّات عمله ولوظيفته الأساس في عمق دماغ الإنسان وصلته بما يحدث للإنسان طيلة حياته أقصُرت أم طالت. وهنا تكمن المشكلة الّتي ما برح أطبّاء الأمراض النّفسيّة غير منتبهين لها. إنّهم وببساطةٍ كمن يحاول إصلاح محرّك سيّارة وهو يجهل الكثير عن بِنية هذا المحرك وعن آليّات عمله وصلته ببقيّة الأجزاء الّتي تساهم بوصل قدرته المحرّكة إلى الأجزاء الّتي تقوم بتسيير السيّارة بسهولةٍ ويسرٍ. لذلك بقي علم النّفس وعلى الرّغم من من النجاحات الّتي حقّقهاهنا وهناك لايزال يحبو في تطوّره وفي قدرته على شفاء الكثيرين هنا بالمناسبة تعبر المدرسة الفرنسوأمريكيّة وسواها من مخالفي مدرسة فيينا في التّحليل النّفسي تعتمد على المعالجات الكيميائيّة وكأنّ النّفس مثلها سائر أعضاء الجسد هي حالة ٌ ماديّة صرفة وتكفي معالجتها بالعقاقير علماً أن أغلب هذه المعالجات لاتقدم شيئاً سوا تهدئة المريض مرغماً خصوصاً في بعض الحالات كما الفصام مثلاً أو حالات الإكتئاب الشديدهنا علينا التّوقّف والبحث في بنية اللّاوعي فإنّنا إن لم نستطع فهم هذه البنية فهماً عميقاً فلن نتمكّن من جعل الطّب النّفسي ناجحاً كما هي بقيّة فروع الطّب وقبل البدء في طرح مانراه علينا الإجابة على السّؤال ماهو الإنسان؟ قبل الإجابة على هذا السّؤال تفصيلاً علينا فهم ماهيّة الطبيعة التي تملأ الكون والتي وُجدنا فيها أولّاً حيث لاعلم يساعدنا على فهم بِنبة الوجود كلّه وآليّات حركته في سيرورته التاريخيّة كما علم الفيزياء الّذي أمدّ الفلاسفة ورجال الدّين في القرنين الأخيرين بالقدرة على الفهم بشكلٍ أعمق لبعض مسائل الفكر والإيمان وللإنسان بشكلٍ خاصٍّ كجزءٍ أصيلٍ وفاعلٍ في هذا الوجود. تقول ميكانيكا الكمّ وهي الفيزياء الأكثر عمقاً وشموليّة في علم الفيزياء حتّى الآن أنّ الوجود بأكمله جملةً وتفصيلاً هو عبارةٌ عن حقلٍ لانهائيٍّ وغير محدودٍ من طاقةٍ أزلية تهتزّ بما أسماه ديراك في المستوى الصفري أي بسعة موجةٍ تقارب الصّفر في قياسها هذه الطّاقة والتي ما أن يحصل تزايد في سعة إهتزازها لسببٍ ما حتى تتحوّل إلى صرّاتٍ من الأمواج الكهريطيسيّة والتي الكثير منها يقع تردّد إهتزازها في ضمن مجال التردّدات التي تراها العين البشريّة فنراها على هيئة أشكالٍ ماديّة مختلفةٍ ويبدو العالم كما نراه في كلّ لحظةٍ هذه الأمواج أكبر دليلٍ على صحّة القول بها هو الضوء المرئي فهو عبارةٍ عن كمٍّ من الطّاقة تحمله موجةٌ كهرمغناطسيّة هذا الكمّ الّذي هو الفوتون يأتينا من الشّمس حاملاً إلينا أخبارها في كلّ لحظةٍ ومساعداً لنا في رؤية موجودات الكون من حولنا إن هذا الفوتون الضوئي وجوده الماديّ أي على شكل جسيمٍ هو رهنٌ بحركته إن تحرّك فهو موجود وإن سكن إختفى تماماً. وهكذا هي كلً الموجات الكهرطيسيّة الّتي تملأ الوجود أكانت ظاهرةً على أشكالٍ ماديّةٍ مرئيّة أم غير مرئيّة وهذا ما عبّرت عنه معادلة التكافؤ بين الكتلة والطّاقة لأنيشتاين: E=mC2 وهنا وبناءاً على ما تقدّم نستطيع القول أنّه لافرق في الجوهر بين قطعة ثلجٍ وشعاع ضوءٍ يسقط على شبكيّة العين فنرى ما حولنا فكلاهما أمواجٌ الأولى على شكل صرّة أمواجٍ والأخرى على شكلٍ موجةٍ وحيدةٍ إنّ الأولى عبارة عن أمواجٍ معبّاة في حيّزٍ زمكانيٍّ تدور داخل الذّرّات بينما الأخرى أمواجٌ منطلقة ٌ في الفضاء بسرعة الضوء إنّنا نعيش في كلّ لحظةٍ اليوم والأمس وفي الغد في فضاءٍ مملوءٍ بالأمواج االّتي لاعدّ لأنواعها ولعددها وهي ترتطم بنا وتمرّ علينا في كلّ آنٍ من غير أن نحسّ بها أو ندرك أثرها على مجريات حياتنا إنّ كلّ ذرّة ٍ فينا من مكوّنات خلايانا كلّها بلا إستثناء ترسل وتستقبل في كلّ لحظةٍ عدداّ غير معروفٍ من هذه الأمواج وبالتالي عداداً غير معروفٍ من التّأثيرات المتبادلة بين موجودات الكون المحيط بنا مهما كان بعده عنّا وبين خلايانا حتّى الفكرة لا تتحرك في الدماغ دخولاً ومماحكةً وخروجاً إلاّ على شكل نبضاتٍ كهربائيّة بما في ذلك كلّ المعلومات التي تزوّدنا بها الحواس بما فيها الصّوت الّذي هو موجيٌّ أيضاً لكن من نوعٍ مختلفٍ عن تلك الموجات، إنّه موجاتٌ تنتقل عبر الوسط الماديِّ فقط وليس عبر الفضاء كما هي حال الموجات الكهرومغاطيسيّة وسرعته أقلّ بكثير من سرعتها كما أنّا نتعرض لموجاتٍ فوق وتحت مرئيّة وكذلك فوق وتحت صوتيّة. بمعنى ما نحن لسنا منفصلين عن الكون إذ هو في رحمنا ونحن في رحم كلّ جزءٍ منه ونحن من هذه الأجزاء نؤثر فيه ويؤثر فينا في كلّ لحظةٍ مادمنا على قيد الوجود فيه بأشكالنا هذه وهذا كلّه بواسطة هذه الموجات التي تؤلفنا وتؤلفه وذلك من خلال ما تحمله منّا إلى أجزائه وما تحمله من أجزائه إلينا من معلومات عنّا وعنها كما هي حال الضوء الّذي يخبرنا رؤيةّ عن حال الكون في كلّ لحظةٍ وكذلك الحال في كلّ لحظةٍ سابقةٍ وكلّ لحظةٍ لاحقةٍ من خلال الموجات الضوئيّة التي إنتشرت ومازتزال تنتشر في الكون كلّه منذ بدء الكون في سحيق الزمن والغريب أن هذه الموجات لاتتلاشى مهما إمتدّ الزمن بها فليس غريباً أن يبحث العلماء في تاريخ الكون وذلك عن طريق البحث عن الأشعة الضوئيّة التي رافقت وجوده لأولّ مرّةٍ ونحن بعد إكتشافنا للكثير من أنواع الموجات بتنا قادرين على رؤية ماكان عصيّاً على الرؤية وبتنا نسمع ماكن عصيّاً على السمع أليس الرّادار مثالاً واضحاً على ذلك وسمّاعة الطبيب البسيطة أيضاً حتىّ أنّ إحساسنا بالألم وهو الحالة البيولوجيّة هو أيضاً موجاتٌ تصدر عن العضو المصاب كنداء إستغاثة إلى المخّ الّذي يترجمها على شكل موجات تُحدث مانشعر به ألماً وذلك لتنبيهنا أنّ هناك عضواً مصاباً علينا الإسراع في نجدته ومعالجته قبل أن نخسره وهنا السؤال الأهمّ والأخطر هل تختلف النفس أو الرّوح سمّها ماشئت عن الجسد في هذا؟ إنّها لاتختلف إلّا في فارقٍ بسيطٍ ولكنّه جوهريٌّ أيضاً هو: إمكانيّة الرؤية بمعنى أن الجسد مرئيٌّ والنّفس غير مرئيّة كما هو الحال بين موجة الضوء وموجة الراديو أو التلفزيون أو الرّادار وما شابه ذلك من موجاتٍ تقع تحت أو فوق مجال رؤية العين وهنا أؤكد لو تطوّرت العين يوماّ ما بحيث تصبح قادرةّ على رؤية كلّ هذه الموجات المخفيّة لأمكنا رؤية النفس بوضوحٍ تامٍّ وعرفنا بشكلٍ دقيقٍ ماذا يجري منها وعليها أو لو تمكنّا يوماّ ما من معرفة ترددات الموجات الّتي ترسلها النفس وتلك التي تؤثر عليها لربما تمكنّا من صنع أجهزةٍ ترصد لنا كل مايجري منها وعليها وفيها كما هو الأمر مع الأمواج فوق الصوتيّة التي ترينا الجنين في بطن أمّه وتوضح لنا وضعه في كلّ لحظةٍ إنً مأساة فرويد ويونغ وروم هي في أنّهم ظنّوا أنّ النفس وحدةٌ منفصلةٌ عن الجسد تسكنه فقط وأسماها اللّاوعي ومن خلال النافذة التي فتحها في جدار هذا اللّاوعي ظنّ أنّه إكتشفها إكتشافاً كاملاً وماذا يمرضها وماذا يشفيها. هنا مثالّ من الجيّد ذكره الآن: لو كانت أمامنا بركة كبيرةٌ نسبياً مياهها ساكنةٌ تماماً ورمينا فيه ثلاث حصى الأولى بحجم حبّة الرّمل والثّانية بحجم حبّة الحمّص والثّالثة بحجم كرة البلياردو فسوف نلاحظ أنّه تحدث ثلاث موجاتٍ ولكنّ الموجة الظاهرة كأثرٍ على سطح الماء هي بالتّأكيد الموجة التي أحدثتها كرة البلياردو لأنّ سعتها هي الأكبر وهي التيّ ستحدّد مصير حبّة الرّمل وحبّة الحمّص في القاع جرفاً بإتجاهٍ معيّنٍ دون آخر ولو كان بإمكاننا سؤالهما عن حالتهما لقالا بأنهما لاترغبان في وضعهما الذي هو حاصلٌ الآن ولبدا الأمر كأنّ القدر لعب لعبته معهما ولكن هل إختفت الموجتان الأخريان؟ لا أبداً ولن تختفيا وستظلّان تحرّكان ذرّات الماء لكنّهما غير مرئيتين بوجود الموجة ذات السّعة الأكبر الموجة التي أحدثتها كرة البلياردو أمرّ آخرٌ وهوالذّي يعنينا في بحثنا هذا تقوله لنا فيزياء الكمّ وهو الأكثر لفتاً للإنتباه ولكنّه لم يُعر إهتماماً يليق به هو: أنّ لكلّ جسيمٍ ماديٍّ في هذا الوجود (مهما صغر أو كبر) آخر إسمه: ضديد لهما حياةُ واحدةّ زمنياً ولكنهما يختلفان بالمكان أيّ أنّ الجسيم قد يكون هنا والضّديد قربه أو على بعدً هائلٍ عنه والتّواصل بينهما يتمّ عبر الموجات الكهرومغناطسيّة وآنيّاً نعم آنيّاً لأن موجات الإتصال بينهما هي أسرع من الضوء بكثير كما هي الموجة البروغلية نسبةً للعالم الّذي إكتشفها (بروغل) وهذا الجسيمان طالما هما على إنفصال هما موجودان ماديّا وإن تلاقيا وإتحدا فنيا وإختفيا عن الوجود بإنتظار لحظة إنفصالهما من جديد كما هي الحال مع الجسيمات الدّقيقة التي يعرفها الفيزيائيّون جيّداً هذا الضّديد يمكن تسميته بلغة شعبويّة بسيطةٍ: القرين وهو نفسه القرين كما أسماه يونغ ولكنّ الإختلاف بينهما هو مكان التّواجد فقط فقرين يونغ في داخل الإنسان أمّا قريننا هذا فهو في خارجه. إنّ ما يدعوه فرويد باللّاشعور هو في رأيي ليس سوى بوّابة الإتصال بين الوعي وبين هذا القرين الذي هو خارج الإنسان وهذه البوّابة التي سمّاها فرويد الّلاشعور لرّبما كانت الغدّة الصنوبرية بيولوجيّاً هي المكان الذّي تستقر فيه هذه البوّابة ومن خلال هذه البّوابة يتم التواصل مع القرين بين الوعي الّذي هو أنت وبين القرين الّذي هو ضديدك البعيد الذي مكانه الحقيقي هو عالم القدرة الكليّة أي العالم غير المرئي والّذي تختزن فيه كلّ الرّسائل والشّيفرات التي تنقلها الأمواج تبادليّاً بين أجزاء الكون المختلفة كما أسلفنا سابقاً وهنا علينا أن نعي جيّداً إن إعترفنا بهذا لوجدنا أنّ الإنسان هو حالة ٌ أعقد كثيراً مما يقوله الثلاثة فرويد ويونغ وفروم وهي أبسط في الوقت نفسه في التعامل معها وعلاج أمراضٍ تُسمّى نفسيّة مما يظنّه هؤلاء الثلاثة ومن سار على دروبهم إنّ هذه العقدة ليست هي اللاوعي الذي قصده فرويد بل هي نقطة العبور إلى عالم القرين والإتّصال به والدليل هو الأحلام الّتي تحمل نبوءةً بما سيحدث خيراً كان أم شرّاً إذ لايمكن لهذا اللاوعي كما عرفه فرويد أيّة إمكانيّة للإخبار حلماً أو لحدسٍ ما لم تكن في عالم المعرفة الأوسع وهو العالم الّذي تتفاعل فيه كلّ الأمواج المنطلقة من أجزاء الكون المختلفة حيث يقول القرين الّذي هو في الخارج من معرفتها كلّها وعكس ماهو يخص قرينه البشريّ منها إخباراً له عما سيجري معه كحلة طيّار حوّامة على إرتفاعٍ شاهقٍ يراقب عبر أجهزةٍ متطوّرة معه في الطائرة حركة سيرٍ في مدينةٍ ما إذ تبيّن له أجهزة المراقبة ووفقاً لحسابتها المعقّدة، أن السيّارة س ستصطدم بعد خمس دقائق بالسيّارة ص ولنفرض أن الطيّار لديه واسطة إتصّال بالسيّارة س فسيقوم بتنبيهه على الفور عبر رسالةٍ هي عبارة عن موجة كهرومغناطيسيّة فإذا كان سائق السيّارة س في حالة عدم إنتباه لإشتعال الضوء الّذي ينذر بالخطر القادم أمامه فهو لابد يكون في حالة الإصطدام مع السيّارة ص في الوقت المحدّد وإذا إنتبه فهو سيتوقف قليلاً وسيفكر بمعنى إشتعال الضوء لديه وهنا يكون قد نجى من الإصطدام، هذا هو بالضّبط مايفعله قرين كلّ واحدٍ منّا مع كلّ فردٍ منّا وما وجود جهاز الإنذار في السيّارة إلا حلقة الوصل بين الطيار وصاحب هذه السيّارة. فهل يكون جهاز الإنذار هذا هو الطيّار نفسه؟ هذا مارآه للأسف فرويد وباقي الثلاثة إن مثال الطيّار هذا هو كما أراه المثال الأفضل لشرح حالة اللاوعي أو القرين فهو على إرتفاعه الشاهق منّا سيعرف بإستمرار وجهتنا وتنبيهنا إلى ما يمكن أن يحدث معنا خلال هذا التوّجه الآن لنفرض أنّه لدى سائق السيّارة س جهازما يستطيع بواسطته نقل رغبته في السّيرفي طريقٍ ما فسيكون على هذا الطيّار مراقبة هذا الطريق وإعلامنا طيلة الوقت بما هو الحال عليهلنقل الآن أن هذا الطيّار يمتلك القدرة على الإتصال بكل سيّارات المدينة ويعرف توجهات السّائقين فيها ولديه القدرة التي تمكنه من من السيطرة على الحركة في هذه المدينة مقدرةً شبه كاملةٍ عندما سيعمل مابوسعه لتيسير سير السيّارة س التي يتولى مسؤوليّة سلامة سائقها هذا هو بالضّبط مايفعله قرينك معك في رحلة الحياة الّتي تريد عيشها هو فقط يلبّي رغباتك إذا كانت لديه القدرة على التحكم بكل الرّغبات المعاكسة لها للأشخاص الآخرين. إن وسائل الإتصال بين القرين وبينك هو عقدة المرور التي سمّاها فرويد اللاشعور وهذه العقدة لن تنتبه لتنبيهاتها المتكرّرة بشأن حدثٍ ما طالما كنت في حالة تفكيرٍ وتشويشٍ مستمرين على الرغم من أنّ هذه التنبيهات هي على إضطرابٍ مفاجىءٍ في دقات القلب أو على شكل حلمٍ، أو على شكل صدفةٍ ما، لقاء ما، كلمةٍ ما، حادثةٍ ما، إعلانٍ في جريدةٍ ما، له علاقةٌ وثيقةٌ ومباشرةٌ بما أنت تـريده أن يتحقّق أو تخشى تحقّقه، لا فرق، ليس علينا سوى أن نقول مانريد وهذا ينتقل عبر عقدة المرور هذه إلى القرين الذي لايناقش فقط يشعرك بأنّ ماتريده يمكن أن يتحقّق أو لا كم من أناسٍ أردوا أن يتحقّق ليديهم أمرٌ ما ولكن كان ينتابهم شعورٌ خفيٌّ أنّه لن يتحقّق وعدم تحقّقه هنا عليك الإعتراف بأنّن سيكون في صالحك تماماً وهذا مايفعله القرين إذا يرى أن تحقّقه ليس في صالحك فهو لن يعمل على تحقيقه كم من الأمور أردناها أن تحقّق معنا وبكينا لأنّها لم تتحقّق ولكن بعد وقت قصيرٍ أوبعيد إكتشفنا أنّ عدم تحقّقها كان هو الخير لنا وليس العكس. إنّ هذا القرين وحيث أنّه في عالم القدرة المطلقة فإنّه يستطيع إن وفّقنا في نقل رغباتنا إليه أن يمدّنا بالقوة المذهلة والقدرة على إتيان المعجزات وهذا مانجده في حالة كلّ شخص منوّم مغناطسيّاً إذ عندما نوحي له بأن قطعة الثلج التي تقرتب من يده هي كرة نار سيبدأ جلده بالإحتراق والعكس إن أوحينا إليه أن الجمرة التي نقربّها من يده هي كرة من الثلج فسنجد أنّ جلد سيتعامل معها على أنّها كرة ثلج في إحدى جلسات التّنويم التي قمت قمت بها لشابٍّ في الثالثة والعشرين من عمره أدخلت دبّوساً إخترق راحة كفّه الأيمن وأنا أوحي له أنّه لن يتألم ولن يخرج من كفّه الدّم وفعلاً هذا ماحصل فلم يشعر بذلك الدّبّوس وهو يخترق راحة كفّه ولم تخرج أيّة ذرّة دمّ منه ناهيك عن دليلٍ آخر يعرفه الناس جميعاً وهو حالة شخصٍ يمشي وهو نائمٌ وكيف أنّ بإستطاعته تسلق جدارٍ لو حاول ألف مرّةٍ تسلّقه وهو يقظٌ لما أفلح بالمناسبة كانت لدي قريبةٌ تمشي وهي نائمة وكنت صغيراً أتفرج عليها مع ذويها وكيف كانت تخرج إلى الحمّام وتقضي حاجتها وأحياناً تصعد إلى السطح وتأتي من على منشر الغسيل بقطعةٍ تخصّها من بين كلّ الثّياب التي عليه والسٍّؤال كيف يكون كلّ هذا إن لم يكن للقرين على قيادة خطواتنا حتى ونحن نائمنو بل والأهم هو قدرة على التّحكم بمشاعرنا ألماً وفرحاً وبوظائف جسدنا الطبيعيّة كحالة عدم خروج الدّم من راحة كفّ ذلك الشّابّ ومن الغريب كما هو واضحٌ أنّ هذا القرين لايناقشك فيما تريد ولايحاكمه هو فقط يلبّيك إن كان خيراً ماتريده أم شرّاً هو صدىً حقيّقيٌّ لما نريد كيف سنصل إلى هذا القرين لنستطيع التعامل معه وليمدّنا بما نريد من قوّةٍ وشفاءٍ وتحقيق رغبات؟ قبل الإجابة على هذا السّؤال لنعد قليلاً إلى مثال الطائرة الّتي تراقب حركة السّير في المدينة وعلاقتها بالسيّارة س رأى فرويد ويونغ أن جهاز الإنذار في هذه السّيارة هو العقل الباطن والسّائق هو الوعي والسّيارة هي الإنسان وبذلك إفترضا بدون أي ّ برهانٍ علميٍّ أنّ هذا الجهاز هو من يقوم بكل مانسبه إليه هذان العالمان وإعتبراه مكوِّناً مادياً وجزءاً مستقلاً مثله مثل أيّ عضوٍ في الجسد ولكن هل هو كذلك فعلاً وإذا كان هكذا هو فعلاً فأيّة قدرةٍ خارقةٍ غير مبرّرةٍ علميّاً لديه؟ وهنا لم يجب العالمان على هذه هذين السّؤالين على حدّ علمي وهنا كان الخطأ الأكبر إذ نسبا إلى بوّابة العبور هذه كل مايقوم به ذلك الطيّار المسكين من مراقبة وتنبيه ومساعدة عن علوٍّ شاهقٍ وبدأ العلاج الغلط بسب عدم قدرتنا على فهم إشارات التنبيه بشكلٍ صحيحٍ وأصبحنا كمن يتكلّم مع المذياع بدلاً من التكلّم مع المذيع لذلك حتى الأدويّة الكيماويّة لم تكن أكثر من إشارات تشويشٍ على هذا الجهاز وإخمادٍ لشاراته كما فعلت الموجة التي أحدثتها كرة البلياردو في بركة الماء مع الموجتين الأُخريين وكلّما توفقنا عن إعطاء الدّواء كأننا توفقنا عن عمليّة التشويش وبالتالي ما إن نتوقف حتى يصدر ضجيجها من جديد فمن يجب التّعامل معه وهو هنا الطيّار لايصله منّا غير أنّنا نتجاهل تحذيراته فيقوم بتقوية البث وهكذا نقع في خضّم علاقةٍ مشوّشةٍ بيننا وبينه لانفهم مايريد ولايفهم مانريد وتستمرّ المأساة إلاّ أنّ الصراع يشتدّ بينا حيت أنّنا وفي رحلة العلاج نعطي الدواء لمن لايستفيد منه وهو جهاز الإنذار المذكور وهنا كل مانعله هو تخدير السّائق وإجباره على الوقوف عن الحركة أليست أغلب الكيماويّات تثير الرّغبة في النوم العميق لدى المريض؟ فما السّبيل إذاً؟ هنا لابدّ من الإعتراف أن الأفضل هو التحليل النّفسيّ إذ بهذه الحالة نكون كمن يتعامل مع سائق السيّارة ودفعه إلى الإستقياظ أكثر والتّنبه أكثر والتّركيز أكثر فما أن يحصل ذلك من عمليّة التحليل النّفسيّ حتى نراه أي الوعي والذي هو هنا في المثال سائق السيّارة يقوم بعمله على أكمل وجه والإلتفات أكثر إلى جهاز الإنذار وفهم شاراته جيداً والعمل بموجبها فكلّ فكرة يقتنع فيها الوعي عميقاً ستنتهي في عمق اللاوعي بكلّ تأكيدٍ مثلها مثل أيّةِ نظريّة علميّة يؤمن بها إنسانٌ بوعيٍ كاملٍ ومن ثم لايعود بإستطاعته الإفلات منها كما هي أفكار الديانات مثلاً لمن يؤمنون بها وهم على درجةٍ كبيرةٍ من الوعي ولكن مأساة التحليل النّفسيّ هي إرتباط نجاحه بقدرة المحلّل النّفسيّ وهنا كم هم قلّة في كلّ مدينةٍ إن لم يندر وجودهم بين أطباء الأمراض النفسيّة وخاصةّ فيما يتعلق بتفسير الأحلام فكم هي خاطئةٌ إفتراضات فرويد إذ أن الأحلام تستمد رمزيتها من ثقافة كلّ شعبٍ على حدة وليس من الرّغبات المكبوتة فقط فعلى سبيل المثال العاقل الّذي يرى نفسه في الحلم يفتّض بكارة صبيّةٍ، ففي المجتمعات الإسلاميّة لايعتبره المُفسّر الدّيني عادةً (شيخ) أمراً له علاقةٌ بالكبت أو برغبةٍ دفينةٍ بل على العكس يراه المفسّر أن الحالم سيتمكن من النجاح في مهمةٍ صعبةٍ وسيجني خيراً كثيراً منها أو أنّ حياةً جديدةً ملؤها النجاح بإنتظاره وسيلجها قريباً إن السّبيل الثّاني والمهّم جداً هو التنويم المغناطيسي فمن خلال تنويم المريض نكون كمن أخذ دور سائق السيارة أي الوعي ونبدأ بالحوار المباشر مع الطيّار ونعلم منه ماذا يرى ولماذا.. وهنا نستطيع إن إمتلكنا مفاتيح الحوار معه أن نصل به إلى أن يفعل مانريد إن لم يكن يتعارض مع مايراه هو وهو متأكدٌّ من صحّته ومتمسّكاً به بشكلٍ قوّي هنا يلزمنا اللجوء إلى كلّ أساليب الإقناع ليغيّر مايراه ليتّفق مع مانراه وقد وجدت أنا من خلال بعض عمليّات أن الرّموز المقدّسة تلعب دوراً هائلاً في إقناعهإذا ماتمّ إستدعاءها والإستعانة بها عليه وهناك أيضاً الإيحاء والإيحاء الذّاتي ولكنّهما عمليتان تتطلّبان تدريباً مهمّاً عليهما كما أن ّ من أفضل العلاجات بالكيماويّات هي تلك التي تُعطى للمريض دون أن يدري حيث على الطبيب النّفسيّ أن يقوم هو بزيارة المريض في البيت كصديقٍ لأحد أفراد العائلة لا أن يذهب المريض إليه ولاننسى هنا أيّة إرتكاسةٍ عقليّة يمكن أن تصيب العاقل ناهيك عن المريض إذا عرف أن الطبيب الّذي هو في عيادته طبيب أمراض عقل وخاصةً في مجتمعاتٍ كمجتمعاتنا لاتزال تنظر بعين الدونيّة لمسألة أمراض النّفس، ودون الكشف عن طبيعة عمله فيرى المريض بشكلٍ أفضل إذ سيكون على طبيعته وسيفهم ماهو الدّواء اللاّزم لعلاجه ويعطى له بدون أن يعرف. هنا ستقوم الكيماويّات بدور المخفف من التشويش وسيلاحظ المريض أن تحسّنا بدأ يظهر على حالته مما يعزّز ذلك ثقته بنفسه دون أن يدري أنّه يأخذ دواءاّ، كما مثلا ً في حالة خوف الأطفال من الإمتحانات أو من السير ليلاً.. هنا نسأل هل الإنسان بطبعه خيّرٌ أم شرّير؟ للإجابة على هذا السّؤال علينا ملاحظة الأطفال وكم هو حبّ التملّك ممسكٌ بأعناقهم ومستولٍ على كياناتهم إنّ حبّ التملّك هو الحبّ الأقدم في أعماق كلّ كائنٍ حيٍّ وماالعلاقة مع الأمّ (فرويد) والأسطورة (يونغ) وجدليّة الصّراع (فروم) إلاّ صدىً لصوت هذا الحبّ الأزليّ مذ وُجدت أولى الخلايا الحيّة في هذا الكون حيث بعد أن وجدت مباشرة كانت أولى مطالبها الغذاء للبقاء والإستمرار في الإنقسام والتّكاثر وهنا أعتقد جازماً أنّ كلّ أمراض الإنسان النّفسيّة في عمقها التاريخي سببها الرّغبة الدفينة في التّملك وفي هذا أساس الخوف من القادم وعدم الأمان لكن لمَ نحن غير سعداءٍ بالمجمل كبشرٍ ؟ إنً حبّ التملّك هو السّابق على كلّ أنواع الحبّ وهو الأكثر تجذّراً في الكائن الحيّ لذلك نرى صحة قول ميكيافيلّي: إفعل ماشئت في الإنسان فهو سينسى إلاّ أن تنزع منه ملكيّته الخاصّة فهذه لن ينساها مهما طال الزّمن وسيعمل كلّ مافي وسعه على إستعادتها وهل تفاخر الغالبيّة والسّاحقة من البشر إلاّ بما تملك؟ هل هذا هو سبب تفوّق الفكر الرّأسماليّ على كلّ فكرٍ ينشد العدالة الإقتصاديّة بكل أبعادها المعروفة من مالٍ وعقاراتٍ و و ؟إنّني للأسف أعتقد ذلك إنّ التجزئة (الإنقسام الخلوي) هي سر إستمرار الحياة في نموّها وتطوّرهاإنّ الإنسان وبعد أن إختبر كلّ أنواع اللذّة في تطوّره من خليّةٍ واحدةٍ إلى كائنٍ شبه كاملٍ وجد أنّ الحياة ممتعةٌ جدّاًبعد كلّ الآلام التي مرّ بها ومازال يمرّ وربما سيمرّ فكان فقدان هذه المتعة أصل الخوف المتأصّل في الذّات البشريّة وكان خوفه من الموت الفعل الكوني الوحيد الّذي هو قانون الحياة الصّارم ( ولادة - موت ) القادر على جعل هذا الإنسان يخسر كلّ تلك الملذّات جميعها وبضربةٍ واحدةٍ لذلك كان خوفه من الموت هو هاجسه الوحيد والأوحد طيلة حياته والأهمّ والأكثر تجذّراً في أعماقه والّذي أنتج كتعبيرٍ مباشرٍ عنه الخوف فأخذ يعمل وبوعيٍ كاملٍ أولاّ على إقناع ذاته أنّه سيستمرّ في الحصول على تلك الملذّات بعد الموت وبشكلٍ صريحٍ أكثر مما كان في هذه الحياة فإخترع لإراحة نفسه من قلقها الوجودي هذا ولطمأنتها بأنّها لن تذهب إلى العدم ولن تخسر هذه الملذّات أبداً فإخترع الله وبسبب غياب العدالة على الأرض كانت فكرة الحساب والثواب والعقاب وقد كان ذلك مع جلجامش في بحثه عن الخلود الّذي يؤمن له دوام الملذّات إلى مالانهاية وماكلّ الأديان إلاّ إستمرارٌ لتلك الكذبة الكبرى في الخلود إنّ الله في الفكر الإنسانيّ ليس سوى المثل الّذي يطمح الإنسان أن يكون على شاكلته (كلّي القدرة خالداً) وهذا ماتمّ تحريفه كما قال فروم فعوضاً عن أن يعمل ليكونه بطريقةٍ ما حوّله إلى وثنٍ يعبده هو وشرائعه هل علينا أن نفهم أنّ طبيعة الحياة مذ وجدت قدرها هو الموت في النهاية ؟ولكن على مايبدو قوّة تأثير المتعة وعمق تأثيرها في النفس البشرية وأهم هذه المتع متعة التملّك يجعلنا نرفض التّصديق أنّنا سننتهي في لحظةٍ ما زمكانيّة ولاخيار آخر لأسف إلى الآن من نحن ؟ نحن أبناء الطبيعة بكلّ تفاصيلها ولانملك من الحريّة إلاّ بالقدر الذّي يتيحه لنا التواصل مع القرين ولكنها حريّةٌ لن تخرج عن إطار النسبيّة كما هو الحال مع كلّ شيء في هذا أكان الله موجوداً أم غير موجود |
|
|
|
29-12-2014, 01:51 | رقم المشاركة : 3 | |
|
رد: من نحن ؟
|
|
|
|
30-12-2014, 07:47 | رقم المشاركة : 5 | |
|
رد: من نحن ؟
( وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ) ما أصعب طريق العودة *88 |
|
|
مواقع النشر |
يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 زائر) | |
|
|