سر قوله تعالى : (مَّن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ ۖ وَمَن تَوَلَّىٰ فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا ﴾ (النساء : 80) .
نكتفي بالحديث عن سرين في هذه الآية الكريمة :
* السر الأول في قوله تعالى : (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ) .
سر التشبيه في مقام التنزيه ، وهو البلية الكبرى والفتنة العظمى التي ابتلى الله بها عباده من بدء الخليقة ، فأقام سبحانه مقامه مثالا مشبها في عالم المُلْك والملكوت ، ورمزا يشير إلى الحي الذي لا يموت ، سر قوله تعالى : (وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى) (النحل : آية 60) ، وأول مثال أوجده الله في الأرض هو رمز آدم عليه السلام ، وآخر مثال في دورة النبوة هو الرسول ﷺ ، الذي ختم الله به النبوة ، وأتم به كمال التشريع ، ثم جاء من بعده دور الصديقية ، ورمز الوراثة ، وصور الأئمة ، سر بقاء الخلافة في الأرض ، تحقيقا لقوله تعالى : (إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً) (البقرة : آية 30) ، لأن الطاعة لله مباشرة ولذاته مواجهة مستحيلة ، والله لا يكلفنا بالمستحيل ، فجعل منا عنه بدلا قائما بإذنه ، وأمرنا بطاعته ، فمن قدم الطاعة له في مقام التشبيه فكأنه قدمها لله مباشرة في مقام التنزيه ، فطاعة الرسول وطاعة الإمام القائم هي طاعة الله تعالى ، وأما من زل وضل وقال إني أطيع الله مباشرة بغير وسيلة فهذا إبليس غرورا وكبرا وحسدا ، لأن السنة الإلهية هي قيام خليفة عن الذات العلية المنزهة عن الكيف والكم والزمان والمكان ، وما ضل من ضل في السابقين واللاحقين إلا بجهلهم أسرار الخلافة الربانية والإمامة الآدمية التي بها الطاعة لرب البرية .
نسأل الله تعالى أن يعيننا على الطاعة .
وإلى لقاء آخر إن شاء الله تعالى مع السر الثاني في الآية : (وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا )