بسم الله الرحمن الرحيم
اسم الله الطيف ان العارفين قد جربوه كثيراً لقضاء الحوائج وتفريج الهم والغم وجزموا أن الاشتغال يدفع الغم العاجل ويورث السرور ، ويدفع البلاء النازل ، ويجلب تيسير الأمور.
هذا بالإضافة إلى أن من أكثر من ذكره أحيا الله باطنه بنور المعارف وظاهره بروح اللطائف وحفظه في نفسه وأهله وماله وكفاه ما يخافه فقد روي الطبرانى فى الأوسط عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أن رسول الله : لَمَّا وَجَّهَ جَعْفَرَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ إِلَى الْحَبَشَةِ ، شَيَّعَهُ ، وَزَوَّدَهُ هَذِهِ الْكَلِمَاتِ : " اللَّهُمَّ الطُفْ لِي فِي تَيْسِيرِ كُلِّ عَسِيرٍ ، فَإِنَّ تَيْسِيرَ كُلِّ عَسِيرٍ عَلَيْكَ يَسِيرٌ ، وَأَسْأَلُكَ الْيُسْرَ وَالْمُعَافَاةَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ
وقال السهيلي رحمه الله تعالى :
{{ لما أن جاء البشير إلى يعقوب عليه السلام وهو ابنه يهوذا بقميص يوسف ، وألقاه على وجه فارتد بصيراً علَّمه يعقوب في البشارة كلمات كان يرويها عن أبيه عن جده عليهم الصلاة والسلام ، كانوا يدعون بها في الشدائد عند كل نازلة ، وفي كل كرب وهي : (يا لطيفاً فوق كل لطيف ، ألطف بي في أموري كلها كما تحب ، وأرضني في دنياي وآخرتي ).}}وقيل أن يوسف عليه السلام : لَمَّا أن قال : {إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِّمَا يَشَاءُ} أورثه الله تعالى النجاة من الجبِّ وملكه مصر كما أخبر الله بذلك في كتابه العزيز بقوله تعــالى{وَكَذَلِكَ مَكَّنِّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ} فيرجى لمن واظب عليه ؛ أن يعطه الله تعالى ما أعطى يوسف عليه السلام .
وقد حكى الغزالي رحمه الله تعالى :
{{ أن رجلاً حبس مدة فكان هجيزه ما قاله يوسف عليه السلام:{إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِّمَا يَشَاءُ} فجاءه في بعض الليالي شاب فقال له : قم واخرج فقال : كيف اخرج والأبواب مغلقة ؟ فقال : ويحك قم فاخرج فقام الرجل فما استقبل باباً إلا انفتح له بإذن الله تعالى حتى أخرجه من الأبواب فالتفت الرجل إلى الشاب وقال له : من أنت الذي منَّ الله عليّ بك ؟ ، فقال : أنا عبد اللطيف لما يشاء .}}
وحكى اليافعي :
{{ أن بعض الملوك غضب على بعض الفقراء فبنى له قبة وجعله فيها وسد عليه بابها ومنعه الطعام والشراب فلما كان بعد ثلاثة أيام وجد الفقير خارج القبة فرحاً مسروراً فأخبر الملك بذلك ، فقال ائتوني به ، فلما أحضر بين يديه قال له الملك : بالذي نجاك من هذه الشدة ما كان سبب خلاصك ؟ فقال الفقير: دعاء دعوت به قال الملك : وما هو؟ قال: ((اللهم إني أسألك يا لطيف يا لطيف يا لطيف، يا من وسع لطفه أهل السموات والأرض أسألك أن تلطف بي من خفى خفى خفى لطفك الخفي الخفي الخفي الذي إذا لطفت به في أحد من خلقك وُقى إنك قلت وقولك الحق: {اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ العَزِيزُ } .}}
ويحكى عن بعض الصالحين أنه قال :
{{ أدركتني ضائقة وخوف ؛ فخرجت هائماً ، فسلكت طريق مكة بلا زاد ولا راحلة ، فمشيت ثلاثة أيام ، فلما كان اليوم الرابع ؛ اشتدَّ بي العطش والحر ، فخفت على نفسي الهلاك ، ولم أجد في البرِّيَّة شجرة أستظل بها ، فجلست مستقبلاً القبلة ، فغلبتني عيناي وأنا جالس ، فرأيت شخصاً في المنام فمدَّ يده إليّ وصافحني ، وقال : ابشر فإنك تسلم وتزور بيت الله الحرام ، وتزور قبر النبي فقلت له: من أنت ؟ قال : أنا الخضر ، فقلت : ادع الله لي ، فقال لي : قل ((يا لطيفاً بخلقه ، يا عليماً بخلقه يا خبيراً بخلقه ألطف بي يا لطيف يا عليم يا خبير )) ثلاثاً ، فقلتها فقال لي : هذه تحفة بها غنى الأبد فإذا لحقك ضائقة ، أو نزل بك نازلة ، فقلها تكفى وتشفى ، ثم غاب عني ، فاستيقظت وأنا أقولها فوالله ما قلتها عند كل ضائقة وشدة ؛ إلا ورأيت من لطف الله بي ما أعجز عن وصفه}} (من كتاب ( المنهج الحنيف من فوائد اسمه تعالى اللطيف ) لأبى بكر الكتامي الشافعي ).
دعاء الفرج :
وذكر الغزالي في الإحياء في كتاب (الأمر بالمعروف) :
{{أن أبا جعفر المنصور بينما كان يطوف ليلاً إذ سمع رجلاً يقول : (اللهم إني أشكو إليك ظهور البغي والفساد في كلام) ، فأمر به فاحضر إليه ، فواجهه الرجل بذكر مظالمه ووعظه وعظاً شديدا ً، فبكى المنصور ، ثم سأل عن الرجل فلم يجده ثم التمسوه فوجده أحد خواصه ، فقال : لست بذاهب معك ، فقال إن لم تذهب معي قتلني فقال له : لا يقدر على ذلك ، وأخرج له ورقة مكتوباً فيها هذا الدعاء ، فقال: خذه فاجعله في جيبك فإن فيه دعاء الفرج ، قال: وما دعاء الفرج ؟ قال: لا يرزقه إلا الشهداء من دعا به مساء وصباحاً هدمت ذنوبه ودام سروره ومحيت خطاياه، وأستجيب دعاءه، وبُسط له في رزقه ، وأعطى أمله ، وأعين على عدوه ، وكتب عند الله صديقاً ، ولا يموت إلا شهيداً تقول(اللهم كما لطفت في عظمتك دون اللطفاء وعلوت بعظمتك على العظماء وعلمت ما تحت أرضك كعلمك بما فوق عرشك وكانت وساوس الصدر كالعلانية عندك ، وعلانية القول كالسر في علمك وانقاد كل شئ لعظمتك وخضع كل ذي سلطان لسلطانك ، وصار أمر الدنيا والآخرة كله بيدك ، اجعل لي من كل همًّ أمسيت فيه فرجاً ومخرجاً اللهم إن عفوك عن ذنوبي وتجاوزك عن خطيئتي وسترك عليّ قبيح عملي ؛ أطمعني أن أسألك مالا أستوجبه مما قصرت فيه ، أدعوك آمناً ، وأسألك مستأنساً ، فإنك المحسن إليّ وأنا المسئ إلى نفسي فيما بيني وبينك، تتودد إلي بنعمك ، وأتبغض إليك بالمعاصي ، ولكن الثقة بك حملتني على الجراءة عليك فجد بفضلك وإحسانك عليّ إنك أنت التواب الرحيم وإنك قلت وقولك الحق{اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ العَزِيزُ }يا لطيف يا خبير يا حفيظ) قال : فأخذته فصيرته في جيبي ، ثم لم يكن لي همٌّ غير أمير المؤمنين فدخلت فسلمت عليه فرفع رأسه ونظر إليّ وتبسم ثم قال : ويلك تحسن السحر فقلت : لا والله ثم قصصت عليه أمري مع الشيخ ، فقال : هات الرق الذي أعطاك ، وأمر بنسخه ، وأعطاني عشرة آلاف درهم ، ثم قال: أتعرفه ؟ ، قلت: لا ، قال : ذلك الخضر عليه السلام.}}
وقيل أن أنس بن مالك رضي الله عنه لما دخل على الحجاج دعا الله تعالى بهذه الكلمات ( اللهم إني أسألك يا لطيفاً قبل كل لطيف، يا لطيفاً بعد كل لطيف، يا لطيفاً لطف بخلق السموات والأرض أسألك بما لطفت به بخلق السموات والأرض أن تلطف بي في خفي لطفك الخفي، من خفي لطفك الخفي إنك قلت وقولك حــق {اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ العَزِيزُ } إنك لطيف لطيف (عشرون مرة)).
فلما قالها وهو قادم عليه قام الحجاج وأقبل عليه وعظَّمه وأجلسه بجنبه وأنعم عليه بعد أن كان توعَّده بالقتل
{{ ومن فوائده لجلب الخير والرزق والبركة تقوله عقب كل صلاة مائة وتسعاً وعشرين مرة ثم تقول{اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ العَزِيزُ } والدعاء بعد تمام قراءة الاسم المبارك(اللهم وسّع عليّ رزقي الله عطِّف عليّ خلقك اللهم كما صنت وجهي عن السجود لغيرك فصنه عن ذلِّ السؤال لغيرك برحمتك يا أرحم الراحمين) }}.
وقال الفاضل الشهير أحمد الديربي في مجرباته :
{{ اعلم وفقني الله وإياك أن هذا الاسم جليل القدر ظهرت بركته، واشتهر فضله، سريع الإجابة، وله سر عظيم وخواص عجيبة في جلب الرزق وقضاء الحوائج وتفريج الكرب، ودفع كيد الظالمين وهلاكهم وغير ذلك ، وقد تكلم بعض العلماء والأولياء على بعض ما يتعلق به كل منهم على قدر حاله ومقامه قال :وإذا أردت استعماله لتفريج الكرب والهم والغم وتيسير الرزق وقضاء الحاجة ، فاذكره بعد صلاة الصبح مائة وتسعاً وعشرين مرة واقرأ بعد ذلك هذا الدعاء ، وهو :
{ بسم الله الرحمن الرحيم اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ العَزِيزُ } تقرأ هذه الآية سبع مرات ثم تقول : اللهم يا مسخر السموات السبع والأرضين السبع ومن فيهن ومن علهين سخِّر لي كل شئ من عبادك مما في برك وبحرك ، حتى لا يكون في الكون شئ متحرك أو ساكن ، صامت أو ناطق ، ظاهر أو باطن ، إلا سخَّرته لي ببركة اسمك اللطيف المكنون يا الله يا حي يا قيوم{إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ }إلهي جودك دلَّني عليك وإحسانك قرَّبني إليك أشكو إليك ما لا يخفى عليك، وأسألك ما لا يعسر عليك إذ علمك بحالي يغني عن سؤالي، يا مفرجاً عن المكروب كربه ، فرِّج عني ما أنا فيه، يا من ليس بغائب فانتظره، ولا بنائم فأوقظه، ولا بغافل فأذكره، ولا بعاجز فأمهله، يا عالماً بالجملة، وغنياً عن التفصيل ، كفى علمك عن المقال، وانقطع الرجاء إلا منك، وخابت الآمال إلا فيك، وانسدت الطرق إلا إليك يا الله يا سميع يا قريب يا بصير يا مجيب ، اغفر لي وارحمني برحمتك يا أرحم الراحمين ، ويسر لي رزقي ، وسخر لي جميع خلقك ، إنك على كل شئ قدير ، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم }}.
قال رحمه الله:
{{ واعلم أن هذه الاستغاثة تنفع المكروبين ، والمهمومين ، والخائفين من حاكم أو غيره ، فمن أراد فليقرأها كما ذكرنا بشروطها ، فإنه يستجاب له في الوقت بإذن الله تعالى.}}
ذكر الشيخ أبو بكر الكتامي الشافعي في كتابه (المنهج الحنيف في تصريف اسمه تعالى اللطيف) :
{أن من أراد أن يرى في شأنه ما يحب ويختار فليتوضأ ويصلى العشاء ثم يصلى ركعتين بعد العشاء ويستغفر الله تعالى ما أمكنه ، ويصلي على النبي ما أمكنه ثم يقول : يا لطيف مائة مرة وتسعاً وعشرين مرة ثم يقول :{أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} يا هادي يا لطيف يا خبير ، اهدني وأرني وخبرني في منامي ما يكون من أمر كذا وكذا وتذكر حاجتك بحق سرك المكنون {وَمِنْ آيَاتِهِ أَن تَقُومَ السَّمَاء وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِّنَ الْأَرْضِ إِذَا أَنتُمْ تَخْرُجُونَ } وينام ، فإنه يرى ما يطلبه في منامه إما أول ليلة أو الثانية أو الثالثة.}}.
وقال أيضاً :
{{ ومن أراد تسهيل الرزق ، فليذكره ( الدعاء السابق )كل يوم مائة وتسعاً وعشرين مرة ، يرى البركة في رزقه وماله ومن أراد الخلاص من الضيق أو السجن فليذكره العدد المذكور ويقول بعده {إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِّمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ } ثم يصاحبه ؛ فيكون الخلاص لوقته }}.
وقد نقل العارف بالله تعالى الشيخ يوســف النبهــاني في كتابه (سعادة الدارين) عن أحد العارفين قوله :
{{من تعسرت عليه المعيشة ولم يكن يملك شيئاً من الدنيا وهو فقير جداً أو تعلق قلبه بامرأة يريد أن يتزوجها ولم يستطع ذلك إما لفقره أو لعدم رضاها ، أو كان مريضاً وعجز الأطباء عن برئه ، فليتوضأ ويصلى ركعتين ويقرأ الاسم مائة وتسعاً وعشرين مرة بنية صادقه ، فإن مراده يحصل بإذن الله تعالى .}}
قال :
{{ وهذا الاسم " اللطيف " ما أسرعه لتفريج الكرب في أوقات الشدائد ، لا يضاف إلى غيره ، فإنه يظهر منه العجب العجيب، ولا يذكره من يؤلمه شئ في نفسه أو بدنه إلا أزاله الله عنه في أثناء الذكر ولا يذكره أحد في نفسه لأمر عظيم هاله ، ومثَّل ذلك الأمر في تخيُّله ، ثم أقبل على الذكر ، وهو يلاحظه بتلك الكيفية ، إلا شاهده كيف ينجلي ويضمحل ، فلا يقوم من مقامه ، وقد بقى شئ يرهبه ، وفي ذلك أسرار بديعة.}}
قال بعض العارفين :
{{ من قرأ قوله تعالى {اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ العَزِيزُ } في كل يوم تسع مرات لطف الله به في أموره ، وسيق له الرزق الحسن ، وكذلك من أكثر من ذكر اللطيف.}}
قال الربيع :
{{ كان من أدعية الإمام الشافعي رضي الله عنه المشهورة بالإجابة : ((اللهم إني أسألك اللطف فيما جرت به المقادير)) من قاله في كل يوم مائة وتسعاً وعشرين مرة ، أمَّنه الله من شر الحوادث ، ورزقه اللطف في سائر أحواله.}}