بعض المراجعين من يصرع وقت القراءة ويقول أنا الجني الفلاني وأنا خادم سحر ولن أخرج حتى يحصل كذا وكذا .. وفي الحقيقة الذي يتكلم الإنسان وليس الجني ، وهو يمثل على الراقي بأنه جني ، والغاية من هذا الصرع التمثيلي في الغالب من أجل أن يعامل هذا الإنسان معاملة خاصة ويلفت أنظار مَنْ حوله إليه ، أو حتى يستجاب لطلباته ، أو لتعرضه لمشاكل أو لصدمات عاطفية أو نفسيه، أو لينسب أفعاله القبيحة إلى تسلط الشياطين عليه أو لغاية أخرى ، ومثل هذا الإنسان في خطر عظيم لأنه عرضة للتلبس الحقيقي الانتقامي حيث أن الجن يعتبرون هذا التمثيل استهزاء وسخريه بعالمهم .
يقول الجاحظ : بلغنا عن عقبة الأزدي أنه أتي بجارية قد جنت في الليلة التي أراد أهلها أن يدخلوهـا إلى زوجها ، فعزم عليها ، فإذا هي قد سقطت ، فقال لأهلها أخلو بي بها ، فقال لها ، أصدقيني عن نفسك وعلي خلاصـك .
فقالت إنه قد كان لي صديق وأنا في بيت أهلي ، وأنهم أرادوا أن يدخلوا بي على زوجي ولست ببكر ، فخفت الفضيحـة . فهل عنك من حيلة في أمري ؟ .
فقال نعـم ، ثم خرج إلي أهلها ، فقال إن الجني قد أجابني إلى الخروج منها ، فاختاروا من أي عضو تحبون أن أخرجه من أعضائها ، واعلموا أن العضو الذي يخرج منه الجن لا بد وأن يهلك ويفسد ، فإن خرج من عينها عميت ، وإن خرج من أذنها صُمت ، وإن خرج من فمها خرست، وإن خرج من يدها شلت ، وإن خرج من رجلها عرجت ، وإن خرج من ***** ذهبت عذرتـها.
فقال أهلها : ما نجد شيئاً أهون من ذهاب عذرتـها ، فأخرج الشيطان من فرجها، فأوهمهم أنه فعل ، ودخلت المرأة على زوجها .
والفرق بين الصرع النفسي والصرع التمثيلي وبين الصرع الحقيقي أن المصروع لا يجيد حركات الجن من حيث التخبط والكلام وقت الصرع ، كالسقوط إن كان واقفا أو طرف العين وارتعاد الجسد ورعشة الأطراف وأسلوب الكلام وسرعة الجواب وطريقة خروج الجني من الجسد كما يزعم ، أما كيفية معرفة الفرق بين هذه الحالات فهي تعلم بالخبرة والفراسة المكتسبة وقوة الملاحظة ، ومن خلال أخذ المعطيات عن حالة المريض بطرح بعض الأسئلة ، وسؤاله عن حقيقة معاناته وسبب مجيئه إلى العلاج . واحب أن أنبه إلى أن بعض المرضى لا يستطيعون أن يعبروا عما يعانون وذلك من شدة تأثير الشيطان عليهم ، وإذا كان البلاء يؤثر على العقل فمن الصعب الحصول على المعطيات الصحيحة من المريض نفسه لأنه إما لا يستطيع التعبير أو أنه يبتكر أعراضاً وأجوبة خلاف الواقع .