باسم الله الرحمان الرحيم
ينتقل المسلم الذي آمن بالله تعالى و تعلّقت همّته بطاعته و الانقياد له في ما أمر و نهى من طور الى طور كلما لازم طاعة مولاه فيقرّ بداية بوجوده و وحدانيته تعالى شاهدا ان لا اله الاّ الله و يقرّ بعدله و رحمته لمّا تكفّل للانسان بهدايته فجعل الرسل و الأنبياء كلما مات نبيّ خلفه نبيّ و جعل الرّسل هداة له يعلمونه مراد الله منه ( و ما خلقت الجن و الانس الاّ ليعبدوني) و انّه لمّا آمن بالله تعالى كان ذلك مدخلا لسلوك طريق الحق الذي يرفعه من أوحال الدنيا الى منازل الاحسان ( ان تعبد الله كأنّك تراه فان لم تكن تراه فأنّه يراك) فاذا تحقق له ذلك رأى الدنيا على حقيقتها و رأى أهلها و أبناءها على حقيقتهم حينها يكون كمن هو يقظ و الناس نيام يكون له ذلك بطريق السمو الذهني الذي يتحقّق له بالانظباط الذي يأخذ به الى التدبّر في آيات الله فتستوي حينها عنده الرغائب و النوائب هذا الحال الذي وصفت يمكن الوصول الى فهمه بالتفكير فضلا عن المعاينة و الوقوف على أحوال نجباء الأمة من الأيمّة الأعلام ممّن تركوا سير عطرة يحفل بها تاريخ المسلمين هؤلاء الذين اغترفوا من معلّم البشرية و أنموذج الانسانية الناصع رسولنا محمّد صلّى الله عليه وسلّم. انّ الذي يجعل من الحياة الدنيا ميدان العرفان الانساني هو تلك القدرة التي منحها الباري سبحانه لبني الانسان القدرة على التفكّر و التدبّر و القدرة على الزام النفس ببوادر الهدى حينها يلج الى حضرة الأنقياء ممن تخلّصوا من أوحال النفس فيصبح أمره كلّه خير ان أصابته حسنة شكر الله فكان خيرا له و ان أصابته سيئة ذكر الله فكان خيرا له .