(أمن يجيب المضطر إذا دعاه)
من الذي يفزع إليه المكروب، ويستغيث به المنكوب، وتصمد إليه الكائنات، وتسأله المخلوقات، وتلهج بذكره الألسن، وتؤلهه القلوب؟
إنه الله لا إله إلا هو.
وحق علي وعليك أن ندعوه في الشدة والرخاء، والسراء والضراء، ونفزع إليه في الملمات، ونتوسل إليه في الكربات، وننطرح على عتبات بابه سائلين باكين ضارعين منيبين، حينها يأتي مدده، ويصل عونه، ويسرع فرجه، ويحل فتحه ((أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضطَرَّ إِذَا دَعَاهُ)) فينجي الغريق، ويرد الغائب، ويعافي المبتلى، وينصر المظلوم، ويهدي الضال، ويشفي المريض، ويفرج عن المكروب ((فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا الله مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ )) فتناجيه وتناديه وتدعوه وترجوه، فإن وجدته وجدت كل شيء، وإن فقدت الإيمان به فقدت كل شيء، إن دعاءك ربك عبادة أخرى، وطاعة عظمى ثانية فوق حصول المطلوب، وإن عبداً يجيد فن الدعاء حري أن لا يهتم ولا يغتم ولا يقلق، كل الحبال تنصرم إلا حبله، كل الأبواب توصد إلا بابه، وهو قريب سميع مجيب، يجيب المضطر إذا دعاه.
يأمرك -وأنت الفقير الضعيف المحتاج، وهو الغني القوي الواحد الماجد- بأن تدعوه ((ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ)) إذا نزلت بك النوازل، وألمت بك الخطوب فالهج بذكره، واهتف باسمه، واطلب مدده واسأله فتحه ونصره، مرغ الجبين لتقديس اسمه، لتحصل على تاج الحرية، وأرغم الأنف في طين عبوديته لتحوز وسام النجاة، مد يديك، ارفع كفيك، أطلق لسانك، أكثر من طلبه، بالغ في سؤاله، ألح عليه، الزم بابه، انتظر لطفه، ترقب فتحه، اشد باسمه، أحسن ظنك فيه، انقطع إليه، تبتل إليه تبتيلاً حتى تسعد وتفلح.