|
|
14-06-2011, 16:51 | رقم المشاركة : 1 | |
|
باب في الصلوات الغير يوميه
الصلوات غير اليومية تمثل الصلاة اليومية لقاءً لعامة الناس، وأما الراغبون في الحصول على أُنس أكبر وارتباط أقوى وأشد فقد خصص لهم لقاء خاص، نظم وقته في ساعات الخلوة، ليدخلوا حضرة الله سبحانه، بعيداً عن كلّ شغل شاغل ويجالسوه. صلاة الليل وقت ملاقاة عاشقي القرب إلى الله في أقرب ارتباط روحي معنوي، وإذا جُعلت الفرائض اليومية تجسيداً لطاعة الله وعبادته، يمكن اعتبار صلاة الليل تمثيلية في الحبّ والعشق والوله بالله سبحانه. يقول القرآن الكريم في مدح عبّاد الليل: (إنما يؤمن بآياتنا الذين… تتجافى جنوبهم عن المضاجع، يدعون ربهم خوفاً وطمعاً ومما رزقناهم ينفقون. فلا تعلم نفس ما اخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون)[1]. وقال الله سبحانه وتعالى في الحديث القدسي: "كذب من زعم أنه يحبّني فإذا جنّة الليل نام عني أليس كل محب يحبُّ خلوة حبيبه"[2]. فالاختلاء بالله سبحانه وتعالى توفيق لا يناله كل أحد. فما لم يكن الراغب في هذه الخلوة محرماً، يتحاشى الإثم والمعصية والذنوب فلا سبيل له إلى هذا الحريم المقدس. إذ كلّما شعر بلذّة هذا الحوار منعه الإثم ولوث المعصية من هذا التوفيق. فقد جاء رجل إلى الإمام علي (ع)، فقال: إني قد حرمت الصلاة بالليل، فقال أمير المؤمنين (ع): "أنت رجل قد قيدتك ذنوبك"[3]. وفي حديث آخر عن الإمام الصادق (ع) قال: "إن الرجل ليكذب الكذبة فيحرم بها صلاة الليل"[4]. إن صلاة الليل تترك آثاراً كبيرة على شخصية المناجي، ووجهه، وحياته فعن الإمام الصادق (ع) قال: "صلاة الليل تحسن الوجه وتطيب الريح وتدر الرزق"[5]. وعن رسول الله (ص) قال: "فمن رزق صلاة الليل من عبد أو أمة قام الله مخلصاً، فتوضأ وضوءاً سائغاً، وصلى لله عزّ وجلّ بنية صادقة، وقلب سليم، وبدن خاشع، وعين دامعة جعل الله تعالى خلفه تسعة صفوف من الملائكة، في كل سف ما لا يحصي عددهم إلاّ الله، أحد طرفي كل صف بالمشرق، والآخر بالمغرب. قال: فإذا فرغ، كتب الله عزّ وجلّ له بعددهم درجات"[6] ويقول الله لملائكته: "انظروا إلى عبدي، فقد تخلى بي في جوف الليل المظلم، والبطالون لاهون، والغافلون نيام، أشهدوا أني غفرتُ لهُ"[7]. وروي عن الإمام الصادق (ع) أنه كان يصف المحرومين من قيام الليل، والتهجد في السحر بأنهم المغبونون في حياتهم[8]. لقد كان قائد الثورة الإسلامية الإمام الخميني (رض) في سفره وحضره مواظباً مدّة بلوغه وشبابه، وحتى أواخر عمره على إقامة الصلاة ونافلة الليل. يقول نجل الإمام: لاحظت في أحد الأيام والدي متأثراً باكياً بنحو لم يسبق لي أن رأيته بمثل تلك الحال، فاستحييت أن أسأله عن ذلك، فسألت والدتي عن السبب فقلت: ما سبب قلب الإمام (رحمه الله)؟ فقالت: كانت صلاة ليلة البارحة قضاء فهو متأثر وغير مرتاح لذلك"[9]. ويخاطب الإمام علي السجاد (ع) الله تبارك وتعالى مناجياً إياه فيقول: "إلهي من ذا الذي ذاق حلاوة محبتك فرام منك بدلاً"[10]. لقد أثبت أبناء الإمام الأحرار خلال المدة التي قضوها في سجون حزب البعث صحة هذا الإدعاء، وجسدوه عملياً في عصرنا الحاضر. فبالرغم من أنهم كانوا يتحملون ـ لأجل إقامة كل ركعة من الصلاة، وبذنب قيامهم في جوف الليل، وإحيائهم إياه بالصلاة ـ السياط، والتعذيب الروحي والبدني، ما كانوا مستعدين أبداً حتى في اللحظة التي كانوا يرزحون فيها تحت سياط العدو وتعذيبه وهجومه الوحشي أن يتركوا مواصلة صلاتهم والأنس بالله سبحانه وتعالى. وقد دوّنت في هذا الخصوص خاطرات عنهم مؤثّرة جدّاً. فقد جاء في إحدى الخاطرات أنّ مجاهداً من المجاهدين الأحرار كان مشغولاً ليلة بالمناجاة في عروجه الملكوتي بصلاة الليل، إذ دخل خفر عراقي فعرفه. وفي الغد من ذلك اليوم ـ حيث كان يوماً بارداً ـ انهال عليه جمع من العسكريين العراقيين يضربونه بموصل الكهرباء (كابل)، حتى تعبوا من كثرة الضرب لكنه مع ذلك استمر بالصلاة في الليالي الأخرى[11]. وجاء في خاطرة أخرى لأحد الأحرار: أوصيت ليلة أحد الحراس ـ المنصوب من قبلنا لمراقبة حال اخوتنا الأسرى ـ بأن يوقظني لصلاة الليل. فلما أوقظني لمناجاة المعبود، لاحظت أن أكثر من تسعين في المئة من الأخوة الذين كانوا معنا منهمكين في صلاة الليل، فاستحييت من نفسي. هذا والحال أن الحراس العراقيين الخفر لو علموا بذلك، وسجل اسم المصلي عومل كمذنب وعليه أن يدفع في الغد من تلك الليلة غرامة قيام الليل هذا عبر تحمل الضرب بموصل الكهرباء (الكابل) وأنابيب المياه البلاستيكية، وربما بالعمود الحديدي المفتول. وقد يحدث أن يدعى جميع من في المخدع إلى وليمة كهذه![12]. فهؤلاء حسينيّو العصر حقاً وواقعاً، والأتباع الخلّص لسيرة الأنبياء والأئمة المعصومين وسنتهم، فطابت ذكراهم وحسنت خواطرهم العطرة. إلهي… نسألك أن تهب مجتمعنا توفيق المحافظة على هذه القيم العالية، لا سيما شبابنا الأعزاء، والمحققين من علمائنا الأعلام. صلاة العيد: يقام العيد الإسلامي ـ وخلافاً لجميع الاحتفالات والأفراح المتعارفة التي تمتزج بمختلف أساليب اللعب واللهو وارضاء الشهوة ـ بالصلاة والدعاء، والإنفاق والغسل وصلة الرحم. أساساً إن كل يوم يقضى في الطاعة والعبادة والتحلي بالفضائل والأخلاق والسجايا الإنسانية يعتبر عيداً في الثقافة الإسلامية فعن أمير المؤمنين علي (ع) قال: "كل يوم لا يعصى الله فيه فهو عيد". إذا أن المسلمين يبدأون أيام عيد الفطر والأضحى بصلاة العيد وهي صلاة تتألف من ركعتين، يؤتى في الركعة الأولى منها بعد الحمد بخمس تكبيرات، يتبع كل تكبير قنوت، بينما يكبر في الركعة الثانية أربع تكبيرات، ويقنت عقب كل تكبيرة بقنوت. تؤدى هذه الصلاة جماعة، وقد أُمر في كل قنوت منها بدعاء خاص مكبّراً قبله وبعده، وخير صبغة تتصف بها هذه العبادة الشكر فيما يخص التوفيقات والعنايات التي تفضل بها الله سبحانه على عباده في أداء عباداته وطاعته في شهر رمضان المبارك، أو في الأيام العشرة المباركة من ذي الحجة. وفي هذه الصلاة يسأل العباد الله سبحانه وتعالى أن يقدّر لهم كل خير قدّره للنبي (ص) وآله (ع)، وأن يقيهم كل شر وقاهم منه. صلاة الآيات: إن الإنسان مع كل ما له من الشرف والكرامة يتعرض أحياناً إلى إنحاء من الضعف نظير النسيان، والغفلة، والطموح، والبخل، والمنّة، وأمثال ذلك. لذا فالمربّي الأصلي للخلق استغل كل فرصة وعذر لتخليصه من الأخطار، والانحطاطات الخلقية وإخراجه من حال الغفلة. فعند بروز بعض الحوادث والظواهر الأرضية والسماوية كالزلزلة والخسوف والكسوف يدعو الإنسان إلى موضع رحمة الله سبحانه. ففي رواية عن الإمام الرضا (ع) قال: "إنما جعلت للكسوف صلاة لأنه من آيات الله لا يُدرى للرحمة ظهرت أم لعذاب فاحبّ النبي (ص) أن تفزع أمته إلى خالقها وراحمها عند ذلك ليصرف عنهم شرّها، ويقيهم مكروهها كما صرف عن قوم يونس (ع) حيث تضرعوا إلى الله عزّ وجلّ"[13]. ومع أن هوية الزلزلة والخسوف والكسوف تعبّر عن نوع من سخط الله وغضبه، إلاّ أن الإسلام حارب كل نوع من التفسير الخرافي لها. فقد اقترن في عهد رسول الله (ص) كسوف الشمس مع وفاة إبراهيم ابن رسول الله (ص) عن عمر يبلغ 18 شهراً، فربط الناس بين الحادثتين وقالوا: إن الشمس كسفت حزناً على ما نزل على النبي (ص) من مصاب جلل. فقام رسول الله (ص) فيهم خطيباً موضحاً وقال: "يا أيها الناس إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله يجريان بأمره، مطيعان لها، لا ينكسفان لموت أحد، ولا لحياته، فإذا انكسفتا أو واحدة منهما فصلوا ثم نزل فصلى بالناس صلاة الكسوف"[14]. تتألف الصلاة من ركعتين، تشتمل كل ركعة على خمسة ركوعات، يعقبه قراءة قسم من سورة. فعقب حدوث أي من الحوادث المذكورة يجب على جميع المكلفين في المنطقة التي وقع فيها الحادث، أن يأتوا بهذه الصلاة. وعليهم أن يقضوها في حال تأخيرها. صلاة الميت: هناك فرصة أُخرى يمكن أن تكون عبرة للمعتبر هي لحظة مواجهة ختم ملف حياة الناس، وقصور أيديهم عن ساحة العمل والسعي في عالم الدنيا. عندما يضع جمع من المؤمنين جنازة المسلم الفقيد أمامهم، ويصلون عليه صلاة الميت، ستتحقق حينها واحدة من أعظم برامج التعليم السمعي والصوري والبصري، والتذكير غير المباشر للناس. إذ كيف يمكن البرهنة للناس بأوضح من هذا المشهد على أن الموت حق، وأنهم سيواجهون ظروفاً كهذه بعد قطع مرحلة ليست بالطويلة من الممكن أن يعلن عن انتهائها في كل آن وحين. ان صف تشييع الميت والصلاة عليه، ودفنه من أنفع صفوف جامعة المعارف العينية والواقعية. ففيه يمضي المسلمون دورة في دروس: الحياة السليمة، حقارة الدنيا، ضرورة استثمار الفرص، التوحيد، التعبّد، الإحساس بضرورة التوادّ والتعاون، الفرار من الغفلة وغيرها. يكبّر في هذه الصلاة خمس تكبيرات، يشهد المصلي بعد التكبير الأول بوحدانية الله، ونبوّة رسول الله (ص)، ويصلّي على النبي وآله بعد التكبير الثاني، ويدعو للمؤمنين والمؤمنات بالمغفرة بعد التكبير الثالث، ويصلّي على النبي وآله بعد التكبير الرابع، ويختم الصلاة بالتكبير الخامس. والصلاة على الميت قبل الدفن وبعد الغسل والتكفين واجب كفائي بالنسبة إلى كل ميت[15]، وإذا لم يصلّ على ميّت بينهما، لزمت الصلاة على قبره بعد دفنه. ويجب على جميع المشاركين في الصلاة المحافظة على السكوت، والهدوء أثناءها، وأن يحدثوا أنفسهم ويعظوها، ويعملوا بقول الإمام الصادق (ع) حيث قال ما معناه: "نزّل نفسك منزلة ميّت قد امهلت، لترجع إلى الدنيا، فتأتي بما قد نسيت"[16]. وقد رأى أمير المؤمنين علي (ع) في تشييع جنازة رجلاً يضحك فقال: "كأن الموت فيها على غيرنا كتب، وكأن الحق فيها عن غيرنا وجب، وكان الذي نرى في الأموات سفر عما قليل إلينا راجعون، نبوؤهم أجداثهم ونأكل تراثهم كأناً مخلدون بعدهم قد نسينا كل واعظ وواعظة"[17]. صلاة الاستسقاء: إن العصيان والطغيان بوجه مالك السماوات والأرض يؤدّي إلى الحرمان من النعم والخيرات السماوية والأرضية، فالله الذي يغضب عند المعصية، وينزل العذاب والنقمة، أوضح السبل لرفع العذاب، واستنزال الرحمة والبركة، قال رسول الله (ص): "إذا غضب الله على أمّة، ثم لم ينزل بها العذاب غلت أسعارها، وقصرت أعمارها، ولم تربح تجارها، ولم تزل ثمارها، ولم تغزر أنهارها، وحبس الله أمطارها، وسلط عليها أشرارها"[18]. وفي حديث آخر عن الإمام الصادق (ع) عدّ نزول المطر معلول لشيوع الظلم[19]. في ظروف كهذه دعي الناس إلى تحوّل عاطفي ومعنوي وإقامة مراسم خاصة بالدعاء والصلاة، لتعود إليهم في ضوء انكسارهم وأنابتهم رحمة الله، وعنايته. وصلاة الاستسقاء التي تقام جماعة كما تقام صلاة العيد، وتكون عادة في صحراء أي منطقة بعيدة عن التلوث بكل أنواع الآثام والمعاصي والذنوب، ويشترك فيها الأطفال والدواب الذين حرموا رحمة الله بما فعله الآخرون، ويفرّق بين الأطفال الصغار وأمهاتهم، ليبعث صراخهم الرقة في الآخرين، ويقضون ثلاثة أيام بالعبادة والصوم، وينصرفوا إلى التوبة والاستغفار، والتكبير قبل الصلاة. ثم يخرج الناس جميعاً حفاة إلى الصحراء، ويؤدوا الصلاة تحت السماء، ويقوم إمام الجماعة بعد الصلاة بوعظ العباد، وإرشادهم ونصحهم، وعرض حالهم على مقام الأحديَّة. لقد سجل التاريخ نماذج كثيرة عن عودة النعمة والرحمة إلى الناس بعد عودتهم روحياً ومعنوياً إلى الله. ومن ذلك ما حدث في عصرنا الحاضر في العام 1363 الهجري القمري حيث طلب أهل قم الذين كانوا يعانون من قلة المطر، وانقطاع الرحمة الإلهية عنهم من آية الله العظمى السيد محمد تقي الخونساري (رحمه الله) أن يخرج معهم لإقامة صلاة الاستسقاء. فأقام هذا الرجل الرباني الجليل هذه الصلاة مع الناس يومين متتاليين بالرغم من سخرية بعض الجهلة واستهزائهم بذلك. وبعد انتهاء اليوم الثاني من الصلاة، وقبل رجوع الناس إلى المدينة انهمر المطر بقوة حتى ملأت المياه جميع السواقي، وروّت جميع المحاصيل الزراعية، وعمّت الفرحة الناس، وتجددّ عهدهم وميثاقهم في ارتباطهم بالله في ضوء الغضب والمقاطعة والصلح[20]. صلاة القضاء: الصلاة فريضة لا يمكن تركها في أي حال لأي أحد إلاّ النساء في عادتهن الشهرية حيث يجلسن في مصلاّهن وينصرفن إلى المناجاة والدعاء والتسبيح عوضاً عن الصلاة. ويجب فيما عدا هذه الصورة أداء جميع الصلوات بشكل منظم وكامل، وبقراءة صحيحة، ولباس طاهر نظيف، ورعاية لسائر الشروط الواجب توفرها في المصلي. ولو حدث أن تركت الصلاة عمداً أو نسياناً، أو جيء بها ناقصة فيجب ـ حيث أمكن ـ الإتيان بها قضاءً. ولا تتحقق التوبة من الصلوات التي لم تصل إلاّ بإتيان وأداء كل ما كان واجباً على التائب، ولا يوجد ما يكون بديلاً عن ذلك. وحيث يحتمل في كل مكلّف عادة بالنظر لجوانب النقص ونواحي الجهل فيه خصوصاً في المقطع الأول من التكليف فقدانه عدداً من صلواته للشروط الواجبة، أو عدم أدائه لبعضها فينبغي على المكلف أن يسعى ـ ما أمكنه ذلك ـ لرفع النواقص المذكورة فلا يبتلى في يوم الحساب والجزاء. |
|
|
|
14-06-2011, 17:43 | رقم المشاركة : 2 | |
|
رد: باب في الصلوات الغير يوميه
بسم الله الرحمن الرحيم |
|
|
مواقع النشر |
الكلمات الدليلية |
السموات, الغير, يوميه |
يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 زائر) | |
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع |
|
|