احببت انقل لكم هذا الموضوع الذي برز في عام 2017 ، وهو شيء رائ ينبهنا الى ان طريق الباطن هو الطريق الاكثر نقاء لفهم الكون و اختراق الحجب الفكرية ، وايضا لتبيان ان المتضادات لا يفهمها من لابعرف الرمز والمعنى ، ويأخذ بظاهر الامر...
قصيدة حجر الفلاسفة للشيخ جاعد الخروصي ابي نبهان
يتجلى العمق المعرفي والوجداني في شعر أبي نبهان في قصيدته المسماة حجر الفلاسفة والتي تحمل عنوانا يدلل على سعة المعرفة الخيميائية والفلسفية لدى الشاعر، القصيدة مسبوكة في أبعاد لغوية تحمل في مضمونها رمزيات مبهمة أحيانا وواضحة في أحيان أخرى، ما يميز النص الشعري في حجر الفلاسفة هو القدرة العجيبة للشاعر على استحضار عمق رمزي يحمل في معانيه إمكانيات متعددة في التفسير وهو أشبه بنص حداثي يقترب كثيرا من السريالية أو الغرائبية الشعرية، ففي حين يبدو المعنى الظاهر من القصيدة هو الجدل التاريخي حول خصائص وسر تكون حجر الفلاسفة الذي أسهب فيه العالم الكيميائي جابر بن حيان إلا أن هناك معاني عميقة تحمل اتجاها فلسفيا عن الوجود والخلق والتسامي في الروح الذي يقترب كثيرا من التصوف الشعوري.
وهنا جزء من قصيدته:
تمذْهَبْتُ الـمَذَاهِبَ بَعْضَ عُمْرِي
انْتَسَبْتُ قَدَرِيًّا مُرْجِئِيَّا
حَنِيفِيًّا وَأيضًا شَافِعِيًّا
وَوَقْتًا حَنْبَلِيًّا مَالِكِيَّا
وَشِيْعِيًّا وَحِينًا أَشْعَرِيًّا
وَمِنْ بَعْدٍ إِبَاضِيًّا رَضِيَّا
فَدَعْنِي مِنْهُمُ طُرًّا جَمِيْعًا
خَلِيلِي حِيْنَ كُنْتُ الخَارِجِيَّا
وَصِرْتُ الآَنَ رَوْحَانِيْ حَكِيْمًا
خَرَقْتُ بِهِ الحِجَابَ الحِنْدِسِيَّا
فَحُزْتُ المُلْكَ لِلمَلَكُوْتِ سَيْرًا
بِأَنْوَارٍ رَقَيْتُ بِهَا رُقِيَّا
وَصِرتُ الحُرَّ مِنْ رِقٍّ بِرِقٍّ
وَكُنتُ العَبدَ أُدْعَى الفَارِسِيَّا
وَبَارَيتُ الكَوَاكِبَ فِي ضِيَائي
فَحُزتُ الفَخْرَ فَخْرًا أقدَمِيَّا
أنَا المَوْلَى وَلِلْمَولَى وَلِيٌّ
غَدَوتُ مَعَ العُلَى أثَرًا عَلِيَّا
أنَا المَعْرُوفُ والمَشْهُورُ أَمْرِيْ
أُسَمِّيْ المَاءَ نَارًا مَارِجِيَّا
أنَا السَّبعُ الشِّدَادُ رَجَعتُ أرْضًا
أَبَارَ نُحَاسَ صِرتُ إذًا صَدِيَّا
أَنَا الرَّوضُ المُقَدَّسُ صِرتُ شَخْصًا
أَرُضُّ الأَرضَ جَبَّارًا عَتِيَّا
أنَا كُلُّ الجِهَاتِ غَدَوتُ شَمْسًا
تُوَقِّدُ فَدفَدَ اللَّيلِ الضَّحِيَّا
أنَا المَلِكُ المُعَظَّمُ فِي البَرَايَا
وَكُنتُ أنَا الكَوَاكِبِ والعَلِيَّا
وَلِي قَعْرُ الجَحِيمِ نَعِيمُ جِسْمٍ
أُقَاتِلُهَا قِتَالًا خَالِدِيَّا
لِأنِّي النَّارُ وَابنُ النَّارِ حَقًّا
وَآكُلُهَا وَأَشرَبُهَا هَنِيَّا
أَلَذُّ بِحَرِّهَا حُبًّا لأنِّي
غَدَيتُ بِها وصِرتُ جَهَنَّمِيَّا
لِذَاتِ الرَّجعِ رُوحِي ثُمَّ نَفسِي
لِذَاتِ الصَّدعِ مَا أبْقَى سَـُمِـَـيَّا
عَجِبتُ بِهِ جَنِينًا كَانَ حَيًّا
لِإنْسٍ صَارَ رُوحًا مَلَكِيَّا
جَنُوبِيًّا وَغَربًا مَشْرِقِيَّا
يَمَانِيًّا وأرضًا شَمْأَلِيَّا
نَبَاتًا صَارَ إنْسَانًا عَيَانًا
وحَيَوَانًا وطَيْرًا فَاخِتِيَّا
لا بد من الإشارة أن القصيدة يمكن تفسيرها بعدة معان مختلفة فالأبيات التي فهمنا منها فكرة التسامي عى الاختناق الفكري والذي تجلت فيه أبعاد التسامح الديني عند الشاعر يمكن تفسيرها بتفسيرات متعلقة بالمعنى الحقيقي من مصطلح حجر الفلاسفة والتي ذكرها محقق الديوان، إلا أن هذا لا ينفي المعنى الظاهر من تأثر الشاعر بنظريات التصوف التي تتعالى على المدارس الفكرية والتي يقترب فيها كثيرا من الأبيات التي تروى عن ابن عربي: «لقد صار قلبي قابلا كل صورة/ فمرعى لغزلان ودير لرهبان، وبيت لأوثان وكعبة طائف/ وألواح توراة ومصحف قرآن، أدين بدين الحب أنى توجهت/ ركائبه فالحب ديني وإيماني»