جاء أحد المريدين لشيخه فقال أرجوك يا
سـيدي علمني كيف أكون صادقاً في محبة الله"
تبسم الشيخ قائلاً .... حُبَهُ لك قد سَبَق حُبُّكَ له"
ولا ينفعه حُبك ولا يَضُّره" فارضى بما قدَّرَهُ الله
عليك .. وفوض أمرك إليَّه" قال يا سيدي أسألك
بالله أن تُعلمنِي كيف أحب الله".... وأخذ يرجوه
ويُصِّرُ عليه" فقال الشيخ حسناً"تخرج من عندي
الآن وأول ثلاثة أشخاص تلتقي بهم أخبرهم
أنك تُحِبُ الله .. ولا تعترض على ما يفعلونه بك
قال أفعل إن شـاء الله.. وخرج يمشي في الأزقة
فرأى حطاباً قوياً مفتول العضلات فوقف تجاهه
وقال .. إني أحب الله فصفعه صفعةً على وجهه
سقط منها أرضاً ثم أخذه من يده وقال إعمِّد
إلى حزمة الحطب واحملها إلى بيتي ففعل
وهو خائفاً مُرتعداً فلما وصلا إلى البيت قبل
الحطاب رأسه ويده وقال سامحني يا سيدي
فتعجب المريد وفَرَّ راكضاً" إلى أن رأى .. شيخاً
عجوزاً وقف أمامه وقال إني أحب الله فاعتنقه
العجوز وصار يبكي ويقبل رأس المريد ثم أخذه
إلى بيته وقدم له الطعام فأكله بنهمٍ شديد
ثم إستلقى على الأرض ونام من تعبه وبعد قليل
أيقظه العجوز صارخاً في وجهه . دافعاً قفاه
برجله ثم قام بطرده خارج البيت تعجب
المريد مما يحصل معه وقام يمشي في أزقَّة
المدينة إلى أن لقي شرطياً .فوقف مقابله في
ثيابه المتسخة ووجهه الشاحب وقال له إني
أحب الله" فعطف عليه الـشرطي وأخذه من يده
وتكلم معه بلطفٍ وليِّن إلى ان أوصله إلى
بِيمارستان المجانين .. فجعله بينهم كواحد منهم
وهو يصرخ ويقول .. لست مجنوناً لست مجنوناً
أنا فقط أحب الله تعالى.. وأخذ يبكي على نفسه
إلى أن أصبح وجاء الطبيب فعرف خبره".. وقال
أرسـل إلى شيخي فلان فأرسلوا إلى الشيخ
فجاء وأخرجه مما هو فيه فحكى لشيخه
أحداث ليلة واحدة"فقال لـه الشيخ وهو يضحك
هذا في ليلة واحدة ولم تتحمله فكيف لو
تكرر هذا الأمر معك في كل أيام عمرك؟؟؟
يا ولدي أما الحطاب فظنك كاذب مُدَّعٍ فصفعك
وأغلظ عليك ثم لما رأى تسليمك لله تعالى
علم صدقك فقبل يدك واعتذر منك".!!!
وأما العجوز فقد ظنك صادقٌ فأقبل عليك
وعظّمَك".. فلما رآك أكلت ونمت ولم تقم لصلاة
الليل فوقع فـي قلبه أنك مدعٍ كاذب فثار عليك
ودفعك خارج بيته".!!!
وأما الشرطي لما رأى من هيئتك وقَذَّارَةَ حالك
فقد ظنك مجنون .. فوضعك بين المجانين".!!!
وهكذا يا ولدي من يُحب الله تعالى"
((إما صَادِقٌ مُتَهم)) ((أو مُتَهَمٌ صَادِق))
((وأهون أمره أن يقولوا عنه مجنون تَائِه))
هل فهمت معنى أن تكون مُحِبَاً لله تعالى؟!
هو حِمّْلٌ عظيم جداً ............. حتى الجبال
الرَاسِّيَات لا تُطِيِّقُه ... وتَتَحَمَّلُ مَشَقَاتُه
هُوَ الحْبُّ فَاسّْلمْ بِالحَشَّا ... مَا الهَوَى سَهْلُ
مَا إختَارَهُ مُضّْنَى بِهِ وَلَهُ عَقْلُ
فَالحُبُّ رَاحَتُهُ عَنَّا .. وَأوَّلَهُ سَقّْمٌ وآخِرَهُ قَتّْلُ
(مولانا إبن الفارض).