سلام الله عليكم
في زمان بلا ملامح
ولد رجل لا يرضى بما يراه
كان الناس يحتفلون بالسطح
وهو يبحث عن العمق
قرأ كثيرا
لكن بقي جائعا
سمع كثيرا
لكن بقي عطشانا
فجلس ذات ليل وسأل نفسه
اين الطريق الى النور
اين الحكمة التي لا تموت
من يدلني على ما لا يُقال بالكلمات
فسمع في قلبه صوتا لا يشبه الاصوات
ان اردت ان تكون روحانيا
فعليك ان تموت وانت حي
وان اردت ان تكون حكيما
فعليك ان تصمت حتى تنطقك الحكمة
وان اردت ان تكون عالما
فعليك ان تجهل كل شيء اولا
خرج من بيته دون حقيبة
ترك الكتب والعناوين
وذهب يسأل الصمت
مشى في الصحارى
وبكى في الجبال
ونام في الحقول
يبحث عن من يدل على الله بلا دليل
قابله رجل فقير يضحك وحده
قال له ما تبحث عنه
قال اريد ان اكون روحانيا
قال هل جرّدت قلبك من كل رغبة
قال لا
قال عد عندما تفعل
قابله شيخ في الخفاء
قال له الحكمة لا تُتعلم بل تُكشف
والكشف لا يأتي إلا لمن نظف باطنه
فهل طهرت مرآتك من الغرور
قال لا
قال عد عندما تفعل
قابله طفل لا يعرف القراءة
قال له هل انت قريب من نفسك
قال لا
قال اقترب منها قبل ان تبحث عن الله
فجلس تحت شجرة
وسكت
وصمت
وسكت أكثر
حتى نطق قلبه وقال
انت ما تبحث عنه
انت الطريق وانت الحجاب
وكلما ذبت اكثر
اقتربت اكثر
ففهم الرجل
ان لا علم بدون فناء
ولا حكمة بدون خضوع
ولا روحانية بدون صدق
عاد الى الناس
لكن لم يعد منهم
كان يرى ما لا يرونه
ويصمت حيث يتكلمون
ويضحك حيث يبكون
سأله رجل من انت
قال انا لا اعرف
لكنني اعرف الذي عرفني
ان عرفتك انك لا تعرف
حثما ستعرف
ادخل خلوة لا اعرف فمن سألك
لا اعرف لا عرف لا اعرف
حتى تعرف انك لا تعرف
فان عرفت انك لا تعرف ستعرف