ينبغي للعارف إذا عرف الله بالذات والصفات، واستغرق في الشهود أن لا يخرج بمعرفته عن الحدود، بل يكون راسخا جامعا ظاهره مع الحدود، وباطنه مع الشهود، لا يحجبه قربه عن جمعه، ولا جمعه عن فرقه، وتكون الحقيقة في باطنه مشهودة، والشريعة على ظاهره موجودة، وهذا مقام شريف، فيه تفاوت أهل التعريف، فهو أعزّ من الكبريت الأحمر، ولا يجمع بين هاتين الحالتين إلاّ من كان له مقام بالغ، وعقل جامع.
وحاصل الأمر أنّ الكلّ مفتقرا لله افتقارا ذاتيّا بحيث لا وجود له إلاّ بوجود موجده، ولهذا ينبغي للإنسان أن يعرف أوصافه من أوصاف ربّه، لما قيل تحقق بأوصافك يمدّك الله بأوصافه، حتى إذا فتحت بصيرتك أيّها المريد، ونظرت فيما يجب لله وما يجب لنفسك وجدت نفسك عدما محضا، كأن لم تكن شيئا مذكورا، فطهّر سريرتك وتحقّق بأوصافك .