يقول الله تعالى : " أَلَمْ نَجْعَل لَّهُ عَيْنَيْنِ * وَلِسَاناً وَشَفَتَيْنِ * وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ* " أي أرشدناه وأريناه طريق الخير وطريق الشرّ ..
وقوله جلَّ في عُلاه:" وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا * قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا"
وحتى يستفتيَ الواحدُ قلبَه .. وجبَ أن يُهذِّبه أوَّلًا بنور اليقين والإيمان ..
حيثُ يمر بمرحلة التخلية " ينفي العبادة عن غير الله ويتخلص مِن شوائب الجهل والشرك والضلال والفتن والأخلاق الدنيئة " .. ثم مرحلة التحلية " بإثبات العبادة لله و التحلِّي بالأخلاق الفاضلة مِن توكل وإنابة وشُكر وتوبة ورجاء ..."
وبهذا تحصل تزكيةُ النفس أي تطهيرُها وزيادةُ الخيرِ فيها .. وهذا معنى قوله تعالى: "قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى * وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى"
أما أن يتبع كلٌّ هواهُ بحجة أن عقله وقلبه هما حجتَه .. فهذا الذي يصدُق فيه قول الله تبارك وتعالى : " وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ. "
وقولُه سبحانه: " أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ. "
فَأنَّى لِمثل هذا أن يُفرِّق بين تفكيرٍ سليمٍ صحيح وتفكير مُعوَجٍّ عليل .. وبين حديثِ نفسِه وهواه وشيطانه .. وحديث فطرته السليمة - أو ما تَبَقَّى مِنها - ؟
نسـألُ اللهَ الإعانةَ والتيسيرَ والتوفيقَ في المَسِير .