: اسماء الله الحسنى شرح مستفيض
القيــوم :
اللغة تقول أن القيوم و السيد ، والله القيوم بمعنى القائم
بنفسه مطلقا لا بغيره ، و مع ذلك يقوم به كل موجود ، و لا
وجود أو دوام وجود لشىء إلا به ، المدبر المتولى لجميع
الأمور التى تجرى فى الكون ، هو القيوم لأنه قوامه بذاته و
قوام كل شىء به ، و القيوم تأكيد لاسم الحى و اقتران
الإسمين فى الآيات ، و من أدب المؤمن مع اسم القيوم أن
من علم أن الله هو القيوم بالأمور أستراح من كد التعبير
و تعب الاشتغال بغيره ولم يكن للدنيا عنده قيمة ، و قيل أن
اسم الله الأعظم هو الحى القيوم .
* الواجـــد :
الواجد فيه معنى الغنى والسعة ، والله الواجد الذى لا يحتاج
الى شىء و كل الكمالات موجودة له مفقودة لغيره ، إلا إن
أوجدها هو بفضله ، و هو وحده نافذ المراد ، و جميع أحكامه
لا نقض فيها و لا إبرام ، و كل ما سوى الله تعالى لا يسمى
واجدا ، و إنما يسمى فاقدا ، و اسم الواجد لم يرد فى القرآن
و لكنه مجمع عليه ، و لكن وردت مادة الوجود مثل قوله
تعالى ( انا وجدناه صابرا نعم العبد انه أواب ) الآية .
* الماجـــــد :
الماجد فى اللغة بمعنى الكثير الخير الشريف المفضال ،
والله الماجد من له الكمال المتناهى والعز الباهى ، الذى
بعامل العباد بالكرم والحود ، والماجد تأكيد لمعنى الواجد
أى الغنى المغنى ، واسم الماجد لم يرد فى القرآن الكريم ،
و يقال أنه بمعنى المجيد إلا أن المجيد أبلغ ، و حظ العبد من
الإسم أن يعامل الخلق بالصفح و العفو وسعة الأخلاق .
* الواحــــد :
الواحد فى اللغة بمعنى الفرد الذى لم يزل وحده و لم يكن
معه أحد ، و الواحد بمعنى الأحد و ليس للأحد جمع ، والله
تعالى واحد لم يرضى بالوحدانية لأحد غيره ، و التوحيد ثلاثة :
توحيد الحق سبحانه و تعالى لنفسه ، و توحيد العبد للحق
سبحانه ، و توحيد الحق للعبد و هو إعطاؤه التوحيد و
توفيقه له ، والله واحد فى ذاته لا يتجزأ ، واحد فى صفاته
لا يشبهه شىء ، و هو لا يشبه شىء ، و هو واحد فى
أفعاله لا شريك له .
* الصمــــد :
الصمد فى اللغة بمعنى القصد وأيضا بمعنى الذى لا جوف
له ، و الصمد فى وصف الله تعالى هو الذى صمدت اليه
الأمور ، فلم يقض فيها غيره ، و هو صاحب الإغاثات عند
الملمات ، و هو الذى يصمد اليه الحوائج ( أى يقصد ) . و
من اختاره الله ليكون مقصد عباده فى مهمات دينهم و
دنياهم ، فقد أجرى على لسانه و يده حوائج خلقه ، فقد
أنعم عليه بحظ من وصف هذا الاسم ، و من أراد أن
يتحلى بأخلاق الصمد فليقلل من الأكل و الشرب و يترك
فضول الكلام ، و يداوم على ذكر الصمد و هو فى الصيام
فيصفو من الأكدار البشرية و يرجع الى البداية الروحانية .
* القادر والمقتدر :
الفرق بين الاسمين أن المقتدر أبلغ من القادر ، و كل منهما
يدل على القدرة ، و القدير و القادر من صفات الله عز وجل
و يكونان من القدرة ، و المقتدر ابلغ ، و لم يعد اسم القدير
ضمن الاسماء التسعة وتسعين ولكنه ورد فى آيات القرآن
الكريم أكثر من ثلاثين مرة .
والله القادر الذى يقدر على إيجاد المعدوم و إعدام الموجود ،
أما المقتدر فهو الذى يقدر على إصلاح الخلائق على وحه لا
يقدر عليه غيره فضلا منه و إحسانا .
* المقدم و المؤخر :
المقدم لغويا بمعنى الذى يقدم الأشياء ويضعها فى
موضعها ، والله تعالى هو المقدم الذى قدم الأحباء وعصمهم
من معصيته ، و قدم رسول الله صلى الله عليه و سلم بدءا
و ختما ، و قدم أنبياءه و أولياءه بتقريبهم و هدايتهم ، أما
المؤخر فهو الذى يؤخرالأشياء فيضعها فى مواضعها ، و
المؤخر فى حق الله تعالى الذى يؤخر المشركين و العصاة
و يضرب الحجاب بينه و بينهم ، و يؤخر العقوبة لهم لأنه
الرؤوف الرحيم ، و النبى صلى الله عليه و سلم غفر له ما
تقدم من ذنبه و ما تأخر و مع ذلك لم يقصر فى عبادته ،
فقيل له ألم يغفر الله لك ما تقدم من ذنبك و ما تأخر )
أجاب ( أفلا أكون عبدا شكورا ) ، و أسماء المقدم
و المؤخر لم يردا فى القرآن الكريم و لكنهما من المجمع
عليهما .
* الأول و الآخر :
الأول لغويا بمعنى الذى يترتب عليه غيره ، والله الأول
بعنى الذى لم يسبقه فى الوجود شىء ، هو المستغنى
بنفسه ، و هذه الأولية ليست بالزمان و لا بالمكان و لا بأى
شىء فى حدود العقل أو محاط العلم ، و يقول بعض
العلماء أن الله سبحانه ظاهر باطن فى كونه الأول أظهر
من كل ظاهر لأن العقول تشهد بأن المحدث لها موجود
متقدم عليها ، وهو الأول أبطن من كل باطن لأن عقلك و
علمك محدود بعقلك وعلمك ، فتكون الأولية خارجة عنه ،
قال إعرابى للرسول عليه الصلاة والسلام : ( أين كان الله
قبل الخلق ؟ ) فأجاب ( كان الله ولا شىء معه ) فسأله
الأعرابى ( و الأن ) فرد النبى بقوله ( هو الأن على ما كان
عليه ) ، أما الآخر فهو الباقى سبحانه بعد فناء خلقه ، الدائم
بلا نهاية ، و عن رسول الله عليه الصلاة و السلام هذا
الدعاء : يا كائن قبل أن يكون أى شىء ، و المكون لكل
شىء ، و الكائن بعدما لا يكون شىء ، أسألك بلحظة من
لحظاتك الحافظات الغافرات الراجيات المنجيات .
* الظاهر و الباطن :
الظاهر لغويا بمعنى ظهور الشىء الخفى وبمعنى الغالب ،
والله الظاهر لكثرة البراهين الظاهرة و الدلائل على وجود
إلهيته وثبوت ربوبيته وصحة وحدانيته ، والباطن سبحانه
بمعنى المحتجب عن عيون خلقه ، وأن كنه حقيقته غير
معلومة للخلق ، هو الظاهر بنعمته الباطن برحمته ، الظاهر
بالقدرة على كل شىء والباطن العالم بحقيقة كل شىء
و من دعاء النبى صلى الله عليه وسلم : اللهم رب السموات
و رب الأرض ، و رب العرش العظيم ، ربنا رب كل شىء ، فالق
الحب و النوى ، منزل التوراة و الإنجيل و القرآن ، أعوذ بك من
شر كل دابة أنت أخذ بناصيتها ، اللهم أنت الأول فليس قبلك
شىء ، و أنت الآخر فليس بعدك شىء ، و أنت الظاهر فليس
فوقك شىء وأنت الباطن فليس دونك شىء أقض عنا الدين
و أغننا من الفقر .
* الوالـــــي :
الله الوالى هو المالك للأشياء ، المستولى عليها ، فهو
المتفرد بتدبيرها أولا ، والمتكفل والمنفذ للتدبير ثانيا ، و
القائم عليها بالإدانة و الإبقاء ثالثا ، هو المتولى أمور خلقه
بالتدبير والقدرة والفعل ، فهو سبحانهالمالك للأشياء المتكفل
بها القائم عليها بالإبقاء و المتفرد بتدبيرها ، المتصرف
بمشيئته فيها ، و يجرى عليهل حكمه ، فلا والى للأمور
سواه ، واسم الوالى لم يرد فى القرآن و لكن مجمع عليه .
* المتعالـــي :
تقول اللغة يتعالى أى يترفع على ، الله المتعالى هو المتناهى
فى علو ذاته عن جميع مخلوقاته ، المستغنى بوجوده عن
جميع كائناته ، لم يخلق إلا بمحض الجود ، و تجلى أسمه
الودود ، هو الغنى عن عبادة العابدين ، الذى يوصل خيره
لجميع العاملين ، وقد ذكر اسم المتعالى فى القرآن مرة
واحدة فى سورة الرعد - ( عالم الغيب والشهادة الكبير
المتعال ) ، و قد جاء فى الحديث الشريف ما يشعر
بأستحباب الإكثار من ذكر اسم المتعال فقال : بئس عبد
تخيل واختال ، ونسى الكبير المتعال .
* البـــــــــر :
البر فى اللغة بفتح الباء هو فاعل الخير والمحسن ، و بكسر
الباء هو الإحسان و التقوى .
البر فى حقه تعالى هو فاعل البر و الإحسان ، هو الذى
يحسن على السائلين بحسن عطائه،وينفضل على
العابدين بجزيل جزائه ، لا يقطع تإحسان بسبب العصيان ،
و هو الذى لا يصدر عنه القبيح ، و كل فعله مليح ، وهذا البر
إما فى الدنيا أو فى الدين ، فى الدين بالإيمان و الطاعة أو
بإعطاء الثواب على كل ذلك ، وأما فى الدنيا فما قسم من
الصحة و القوة و الجاه و الأولاد و الأنصار و ما هو خارج عن
الحصر .
* التــواب :
التوبة لغويا بمعنى الرجوع ، ويقال تاب وأناب وآب ، فمن
تاب لخوف العقوبة فهو صاحب توبة ، ومن تاب طمعا فى
الثواب فهو صاحب إنابة ، و من تاب مراعاة للأمر لا خوفا و
لا طمعا فهو صاحب أوبة و التواب فى حق الله تعالى هو
الذى يتوب على عبده و يوفقه اليها و ييسرها له ، و مالم
يتب الله على العبد لا يتوب العبد ، فابتداء التوبة من الله
تعالى بالحق ، و تمامها على العبد بالقبول ، فإن وقع العبد
فى ذنب و عاد و تاب الى الله رحب به ، و من زل بعد ذلك
وإعتذر عفى عنه و غفر و لا يزال العبد توابا ، و لا يزال الرب
غفارا و حظ العبد من هذا الاسم أن يقبل أعذار المخطئين
أو المذنبين من رعاياه و أصدقائه مرة بعد أخرى .
* المنتقـــم :
النقمة هى العقوبة ، والله المنتقم الذى يقسم ظهور
الكغاة ويشدد العقوبة على العصاة وذلك بعد الإنذار بعد
التمكين و الإمهال ، فإنه إذا عوجل بالعقوبة لم يمعن فى
المعصية فلم يستوجب غاية النكال فى العقوبة .
و الله يغضب فى حق خلقه بما لا يغضب فى حق نفسه ،
فينتقم لعباده بما لا ينتقم لنفسه فى خاص حقه ، فإنه
إن عرفت أنه كريم رحيم فأعرف أنه منتقم شديد عظيم ،
و عن الفضل أنه قال : من خاف الله دله الخوف على كل
خير .
* العفـــــو :
العفو له معنيان الأول : هو المحو و الإزالة ، و العفو فى
حق الله تعالى عبارة عن إزالة أثار الذنوب كلية فيمحوها من
ديوان الكرام الكاتبين ، ولا يطالبه بها يوم القيامة و ينسيها
من قلوبهم كيلا يخجلوا عند تذكرها ويثبت مكان كل سيئة
حسنة .
المعنى الثانى : هو الفضل ، أى هو الذى يعطى الكثير ، و
فى الحديث - ( سلوا الله العفو و العافية ) و العافية هنا
دفاع الله عن العبد ، والمعافاة أن يعافيك الله من الناس
ويعافيهم منك ، أى يغنيك عنهم ويغنيهم عنك ، و بذلك
صرف أذاك عنهم و أذاهم عنك و حظ العبد من الاسم أن
يعفو عمن أساء إليه أو ظلمه و أن يحسن الى من أساء اليه
.
* الـــرؤوف :
الرؤوف فى اللغة هى الشديد الرحمة ، و الرأفة هى نهاية
الرحمة ، و الروؤف فى أسماء الله تعالى هو المتعطف على
المذنبين بالتوبة ، و على أوليائه بالعصمة ، و من رحمته
بعباده أن يصونهم عن موجبات عقوبته ، و إن عصمته عن
الزلة أبلغ فى باب الرحمن من غفرانه المعصية ، و كم من
عبد يرثى له الخلق بما به من الضر و الفاقة و سوء الحال
و هو فى الحقيقة فى نعمة تغبطه عليها الملائكة .
و قيل أن نبيا شكى الى الله تعالى الجوع و العرى و القمل ،
فأوحى الله تعالى اليه : أما تعرف ما فعلت بك ؟ سددت
عنك أبواب الشرك . و من رحمته تعالى أن يصون العبد
عن ملاحظة الأغيار فلا يرفع العبد حوائجه إلا إليه ، و قد قال
رجل لبعض الصالحين ألك حاجة ؟ فقال : لا حاجة بى الى
من لا يعلم حاجتى . و الفرق بين اسم الروؤف و الرحيم أنه
تعالى قدم الرؤوف على الرحيم والرأفة على الرحمة . و حظ
العبد من اسم الروؤف أن يكثر من ذكره حتى يصير عطوفا
على الخاص و العام ذاكرا قول رسول الله صلى الله عليه
و سلم : ارحموا من فى الأرض يرحمكم من فى السماء ،
و من قطع رجاء من ارتجاه قطع الله رجاءه يوم القيامة فلن
يلج الجنة .
مالك الملك :
من أسماء الله تعالى الملك والمالك والمليك ، و مالك
الملك و الملكوت ، مالك الملك هو المتصرف فى ملكه كيف
يشاء و لا راد لحكمه ، و لا معقب لأمره ، و الوجو كله من
جميع مراتبه مملكة واحدة لمالك واحد هو الله تعالى ،
هو الملك الحقيقى المتصرف بما شاء كيف شاء ، إيجادا
و إعدتما ، إحياء وإماته ، تعذيبا و إثابة من غير مشارك و لا
ممانع ، و من أدب المؤمن مع اسم مالك الملك أن يكثر من
ذكره و بذلك يغنيه الله عن الناس .
و روى عن سفيان بن عينه قال: بين أنا أطوف بالبيت إذ
رأيت رجلا وقع فى قلبى أنه من عباد الله المخلصين فدنوت
منه فقلت: هل تقول شيئا ينفعنى الله به؟ فلم يرد جوابا،
و مشى فى طوافه ، فلما فرغ صلى خلف المقام ركعتين،
ثم دخل الحجر فجلس ، فجلست اليه فقلت : هل تقول
شيئا ينفعنى الله به ؟ فقال : هل تدرون ما قال ربكم :
أنا الحى الذى لا أموت هلموا أطيعونى أجعلكم ملوكا لا
تزولون ، أنا الملك الذى إذا أردت شيئا قلت له كن فيكون .
* ذو الجلال و الإكرام :
ذو الجلال والأكرام إسم من أسماء الله الحسنى، هو الذى
لا جلال ولا كمال إلا وهو له ، ولا كرامة ولا مكرومة إلا و هى
صادرة منه ، فالجلال له فى ذاته ةالكرامة فائضة منه على
خلقه، وفى تقديم لفظ الجلال على لفظ الإكرام سر ، و هو
ان الجلال إشارة الى التنزيه ، و أما الإكرام فإضافة و لا بد
فيها من المضافين ، والإكرام قريب من معنى الإنعام إلا
أنه أخص منه ، لأنه ينعم على من لا يكرم ، و لا يكرم غلا
من ينعم عليه ، و قد قيل أن النبى صلى الله عليه و سلم
كان مارا فى طريق إذ رأة إعرابيا يقول :
( اللهم إنى أسألك بإسمك الأعظم العظيم ، الحنان المنان ،
مالك الملك ، ذو الجلال والإكرام ) ، فقال النبى صلى الله
عليه وسلم :
( إنه دعى باسم الله الذى إذا دعى به أجاب و إذا سئل به
أجاب ) ، و متى أكثر العبد من ذكره صار جليل القدر بين
العوالم ، و من عرف جلال الله تواضع له و تذلل
.
* المقســط :
اللغة تقول أقسط الأنسان إذا عدل، وقسط إذا جار وظلم ،
و المقسط فى حق الله تعالى هو العادل فى الأحكام ،
الذى ينتصف للمظلوم من الظالم، وكاله فى أن يضيف
الى إرضاء المظلوم إرضاء الظالم، وذلك غاية العدل و
الإنصاف، ولا يقدر عليه إلا الله تعالى، وقد روى عن رسول
الله صلى الله عليه وسلم أنه قال فى الحديث بينما
رسول الله جالس إذ ضحك حتى بدت ثناياه ، فقال عمر :
بأبى أنت و أمى يا رسول الله ما الذى أضحكك؟ قال:
رجلان من أمتى جثيا بين يدى رب العزة فقال أحدهما
( ياربى خذ مظلمتى من هذا ) فقال الله عز وجل:
رد على أخيك مظلمته، فقال ( ياربى لم يبق من
حسناتى شىء ) فقال عز و جل للطالب : ( كيف تصنع
بأخيك و لم يبق من حسناته شىء ؟ ) فقال ( يا ربى
فليحمل عنى أوزارى ) ثم فاضت عينا رسول الله بالبكاء،
و قال: ( إن ذلك ليوم عظيم يوم يحتاج الناس أن يحمل
عنهم أوزارهم ) قال فيقول الله عز جل _ أى للمتظلم _
( أرفع بصرك فانظر فى الجنان )، فقال ( ياربى أرى مدائن
من فضة و قصورا من ذهب مكللة بالؤلؤ ، لأى نبى هذا ؟
أو لأى صديق هذا؟ أو لأى شهيد هذا ؟ ) قال الله تعالى
عز وجل ( لمن أعطى الثمن ) فقال ياربى ومن يملك ذلك؟
قال : أنت تملكه، فقال: بماذا ياربى؟ فقال بعفوك عن أخيك،
فقال: ياربى قد عفوت عنه،قال عز وجل: خذ بيد أخيك
فأدخله الجنة، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
أتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم ، فإن الله يعدل بين المؤمنين
يوم القيامة .
مالك الملك :
من أسماء الله تعالى الملك والمالك والمليك ، و مالك
الملك و الملكوت ، مالك الملك هو المتصرف فى ملكه كيف
يشاء و لا راد لحكمه ، و لا معقب لأمره ، و الوجو كله من
جميع مراتبه مملكة واحدة لمالك واحد هو الله تعالى ،
هو الملك الحقيقى المتصرف بما شاء كيف شاء ، إيجادا
و إعدتما ، إحياء وإماته ، تعذيبا و إثابة من غير مشارك و لا
ممانع ، و من أدب المؤمن مع اسم مالك الملك أن يكثر من
ذكره و بذلك يغنيه الله عن الناس .
و روى عن سفيان بن عينه قال: بين أنا أطوف بالبيت إذ
رأيت رجلا وقع فى قلبى أنه من عباد الله المخلصين فدنوت
منه فقلت: هل تقول شيئا ينفعنى الله به؟ فلم يرد جوابا،
و مشى فى طوافه ، فلما فرغ صلى خلف المقام ركعتين،
ثم دخل الحجر فجلس ، فجلست اليه فقلت : هل تقول
شيئا ينفعنى الله به ؟ فقال : هل تدرون ما قال ربكم :
أنا الحى الذى لا أموت هلموا أطيعونى أجعلكم ملوكا لا
تزولون ، أنا الملك الذى إذا أردت شيئا قلت له كن فيكون .
* ذو الجلال و الإكرام :
ذو الجلال والأكرام إسم من أسماء الله الحسنى، هو الذى
لا جلال ولا كمال إلا وهو له ، ولا كرامة ولا مكرومة إلا و هى
صادرة منه ، فالجلال له فى ذاته ةالكرامة فائضة منه على
خلقه، وفى تقديم لفظ الجلال على لفظ الإكرام سر ، و هو
ان الجلال إشارة الى التنزيه ، و أما الإكرام فإضافة و لا بد
فيها من المضافين ، والإكرام قريب من معنى الإنعام إلا
أنه أخص منه ، لأنه ينعم على من لا يكرم ، و لا يكرم غلا
من ينعم عليه ، و قد قيل أن النبى صلى الله عليه و سلم
كان مارا فى طريق إذ رأة إعرابيا يقول :
( اللهم إنى أسألك بإسمك الأعظم العظيم ، الحنان المنان ،
مالك الملك ، ذو الجلال والإكرام ) ، فقال النبى صلى الله
عليه وسلم :
( إنه دعى باسم الله الذى إذا دعى به أجاب و إذا سئل به
أجاب ) ، و متى أكثر العبد من ذكره صار جليل القدر بين
العوالم ، و من عرف جلال الله تواضع له و تذلل
.
* المقســط :
اللغة تقول أقسط الأنسان إذا عدل، وقسط إذا جار وظلم ،
و المقسط فى حق الله تعالى هو العادل فى الأحكام ،
الذى ينتصف للمظلوم من الظالم، وكاله فى أن يضيف
الى إرضاء المظلوم إرضاء الظالم، وذلك غاية العدل و
الإنصاف، ولا يقدر عليه إلا الله تعالى، وقد روى عن رسول
الله صلى الله عليه وسلم أنه قال فى الحديث بينما
رسول الله جالس إذ ضحك حتى بدت ثناياه ، فقال عمر :
بأبى أنت و أمى يا رسول الله ما الذى أضحكك؟ قال:
رجلان من أمتى جثيا بين يدى رب العزة فقال أحدهما
( ياربى خذ مظلمتى من هذا ) فقال الله عز وجل:
رد على أخيك مظلمته، فقال ( ياربى لم يبق من
حسناتى شىء ) فقال عز و جل للطالب : ( كيف تصنع
بأخيك و لم يبق من حسناته شىء ؟ ) فقال ( يا ربى
فليحمل عنى أوزارى ) ثم فاضت عينا رسول الله بالبكاء،
و قال: ( إن ذلك ليوم عظيم يوم يحتاج الناس أن يحمل
عنهم أوزارهم ) قال فيقول الله عز جل _ أى للمتظلم _
( أرفع بصرك فانظر فى الجنان )، فقال ( ياربى أرى مدائن
من فضة و قصورا من ذهب مكللة بالؤلؤ ، لأى نبى هذا ؟
أو لأى صديق هذا؟ أو لأى شهيد هذا ؟ ) قال الله تعالى
عز وجل ( لمن أعطى الثمن ) فقال ياربى ومن يملك ذلك؟
قال : أنت تملكه، فقال: بماذا ياربى؟ فقال بعفوك عن أخيك،
فقال: ياربى قد عفوت عنه،قال عز وجل: خذ بيد أخيك
فأدخله الجنة، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
أتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم ، فإن الله يعدل بين المؤمنين
يوم القيامة .