الموضوع: الإنسان والعقل
عرض مشاركة واحدة
قديم 28-01-2012, 15:05   رقم المشاركة : 2
شيخ الأسرار الباطنية
 
الصورة الرمزية شيخ الأسرار الباطنية





شيخ الأسرار الباطنية غير متواجد حالياً

شيخ الأسرار الباطنية تم تعطيل التقييم


افتراضي رد: الإنسان والعقل

و في
الثاني انتقلت ھذه القوى إلى الآلة غیر أن الآلة لیس في مقدورھا أن تطور الإنسان وتنمي
قدراتھ الذاتیة كما كانت الطبیعة تفعل وإنما تخلق لھ عالما یشبھھ ویشبھ عالمھ الظاھري
المحدود الذي ھو ما تدركھ الآلة وتحللھ ثم تقلده .
إن قوى الطبیعة نفسھا تنقسم إلى قسمین اثنین قوى النور وقوى الظلمات أو قوى الخیر
وقوى الشر
ومنبع القوى الأولى الدین ومنبع القوى الثانیة العلوم الظلمانیة التي ما ھي في الأصل
سوى تحریف للأولى والانسیاق بھا صوب استخدام أسالیب القلب والسحر والتغییر
والاستمداد من الطبیعة .
إن ھاتین القوتین مع تعارضھما الكامل تتشابھ ظواھرھما في الظاھر كما في الباطن ولا
یستطیع امرؤ عاد التمییز بینھما إلا بعلم .
إن قوى النور ھي تلك المعروفة على أیدي الأنبیاء والرسل ممن أتت على أیدیھم
المعجزات الإلھیة أما قوى الظلمات فیمكن دوما معاینتھا لدى عبدة المادة الطاغوت والسحرة
ورواد الشر بمختلف أشكالھ .
وأخیرا إن الإنسان لجھول حینما یطلب من كل معرفة دلیلا وبرھانا على صدقھا ویلزم
الأنبیاء والرسل الإتیان بالمعجزات حتى یصدقھم بینما لا یفعل مثل ذلك مع الفلاسفة والكھان
مھما قالوا ، وذلك إنما لأن الدین یشمل متطلبات والتزامات وتطبیقات في حین تظل الفلسفة
وأقوال وأفعال الفلاسفة مجرد وسیلة للتكذیب ولا تتطلب سوى التكذیب وكفى ثم السعي بذلك
إلى مطلق الحریة والترف في الحیاة ، ھذا ھو الفرق بین الأمرین واضح وإن كان بإمكان
الإنسان أن یسعى إلى التكذیب والجدل الدیني فلیتمسك على الأقل بنفس المبدأ على شرط أن
یسعى إلى تكذیب ومناقشة كل معرفة تصل إلیھ لا أن یقصر ذلك على الدین وحده فیكون
بھذا امتلك وسیلة بحث ناجعة قد یتم بعدھا الاقتناع بإمكانیة معرفة الخطأ من الصواب
والصواب من الخطأ .
وعن العقل البشري یقول الكاتبان :

وعن الإنسان إنسان بجسمه ودماغه أما العقل فمنفصل عنه فھو قوة تسكنه والإنسان قد يتم له العيش
بجسمه ودماغه لتوفر أسباب الحياة فيه ويستطيع بالتالي أن يعيش دون وجود العقل وفي ھذه الحال
تكون ملكات الحواس مفقودة لديه
ولاشك أن تسجيل المرئيات أو الأفكار في العقل إنما يتم بمساعدة الحواس التي تعطي للعقل
صورة منقولة عن الواقع الغيبي أو تصورا عن التسجيلات ھذه إذا كانت متعلقة بأشياء غير واضحة
أو بمفاھيم تجريدية . فالأفكار إن لم تتخذ شكلا متعينا في صورة ما أو في إحساس من نوع خاص فإنھا
لا تسجل في العقل ، وھكذا نجد أن الإنسان يعجز عن حفظ بعض ما يرغب في حفظه لأنه لم
يستطيع للسبب المذكور أن يمنح له صورة قابلة لأن تنقل إلى حافظته وكل ما يسجله العقل يوكل
أمره إلى خلايا الدماغ ليحتفظ به كما يفعل النحل عندما يضع العسل في خلايا خليته وقت الحاجة إلى
ما وقع تخزينه فيستخرج من جديد بقوة العقل وبمعونة الحواس مرة أخرى .
وللعقل تجوال يجد فيه نفسه حرا طليقا غير مرتبط بالحواس فيتم له الاتصال بأشياء كثيرة يترجمھا
فيما بعد إلى الحواس فتصبح مفھومة وذات مغزى فقد يجد الإنسان حتى العادي أحيانا أن مكانا ما قد
رآه من قبل دون أن يعرف كيف ومتى في حين أنه في الواقع لم يشاھد ھذا المكان بواسطة زيارة أو
وصف وإنما حضر غليه بقوى العقل وتجواله في لحظة من اللحظات بجمع الحواس وھذا ما يستطيع
الممارس الحاذق في التركيز الذھني أن يفعله بشكل إرادي إذا دعت إلى ذلك غاية من الغايات .
إن العقل ليس له حجم كمي فھو لا ينمو في الإنسان بل درجات التفكير ھي التي تعلو وتأخذ مراتبھا
في العقل وقد نجد عند بعض الأطفال ذكاء قويا وأحيانا خارقا ويكون السبب في ذلك تميز العقل بقوى
التفكير والأفكار وكل المعلومات بصفة إجمالية ويتم ترجمتھا بسرعة الحواس وقد ينقلب ھذا الذكاء إلى
غباء وبلادة بعد سنين أو قد ينحصر عند بلوغ سن معين لأن العقل لا يمكن توسيعه بنفسه وإنما توسيع
مراتب التفكير واستغناء الأفكار أو المتيسر بالعلم ولذلك فإن محدودية علم الإنسان يقلص من فرص
قدرات الذكاء البشري إجمالا .
والذكاء قوة كامنة في العقل نفسه وھذه القوى من العقل لا تنفصل عنه وليست بقوى خلاقة للأشياء
كما يعتقد بل ھي قوة تبرز سرعة إتقان العقل للأخذ من وظائف الدماغ فيتم بھذه القوى البسط أو الجمع
بين الأفكار كما يتم بھا إحضار شيء منسي أو الاتصال باللاشعور وترجمة ذلك للحواس أو إعطاؤھا
صفة صورية أو شكلية أو نطقية .

إن كل ما یكتشفھ الإنسان لا یكون سوى بواسطة الصدفة والمقارنة أو الإلھام الذي لا نملك
لھ تفسیرا علمیا . وما كان الذكاء قط ھو الخلاق لما یكتشفھ الإنسان فالعقل دائما وراء كل
ذلك إذ یقوم بالتمییز والإفراز والإخراج إلى العلم المحسوس لكل المكتشفات الجدیدة ولا
ننسى ھنا أن للعقل – كما سبق القول – تجوالا خارجا عن إرادة الإنسان بھ تتم اكتشافات
كثیرة تسمى فیما بعد اختراعات وما ھي بالاختراعات .
إن العقل في وظیفة أخرى من وظائفھ كالمصفاة فھو یختبر كل قوة ترید الارتباط بالجسم
أو الالتحام بھ وقد یرفضھا إن لم تكن متوازنة متطابقة مع حواس الإنسان .
إن العقل مركزه في الدماغ بمنطقة ما ، ووظيفته إنتاج المعرفة . وكنه الأشياء خارج
عن قوى العقل مادام له وجود مستقل عنه قد لا يدركه العقل ومھما تطور العلم فإن
الإنسان لن يتغلب عليه لاختلافه ولتقييد الإنسان بالمعرفة المقيدة في الطبيعة ، فالإنسان
إذن مطبوع بقوى العقل والعقل مميز بخاصية المعرفة والمعرفة مسجونة في العلم كما
أن العلم يسجن في حقيقة الأشياء الدالة على أسبابھا والأشياء تبقى أشياء في تجمع
ماديتھا والطبيعة تبقى طبيعة بتجمع محتواھا واستنتاج ھذا المحتوى واتخاذه للشكل
المفھوم أو القوة المحسوسة بإدراك العقل .
إن العقل قادر على تحريك الجسم لأن الجسم شيء وقد يقدر الإنسان على تحريك قوى الطبيعة لأنھا
أشياء في عالميھا ولكن العقل لن يستطيع أن يحرك غير ھاتين القوتين قوة الأشياء في الطبيعة أو قوة
الأشياء في عالم قوى الطبيعة .
إن العقل يحرك الجسم لأنه شيء في عالم الأشياء كما يحرك كذلك قوى الجسم لأنھا شيء في عالم
القوى وما يخرج عن ذلك كالحياة مثلا فإن العقل لن يحركھا أبدا لخروجھا عن مزاجه ودخولھا في
القوة التي تحركھا الروح .
إن الإنسان يدرك ما يريد بعقله والعقل له إدراك يدرك في قوته خاصة بأشياء مختلفة منھا ما يسجل
الذبذبات الصوتية في الدماغ ومنھا ما يسجل الصور إلى غير ذلك من وظائف الحواس وإذا فارق
العقل الدماغ ، وھو شيء مستحيل ، لأن الواحد منھما قائم بالآخر بقدرة الله وكامن فيه وممكن الوجود
به فقد يفقد الإنسان ذاكرته أو يفقد قوة حواسه والذاكرة التي تسجل فيھا الأفكار لا تعمل وأساسھا في
وسط الرأس دون وظيفة الصور المسجلة في جبھة الإنسان فكل شيء إلا وله صورة ما إما مبھمة في
مزاج صوري أو مفھومة مدركة في معناھا وقد يقع خلط في الصور أو في الأفكار فينتج عن ذلك
اختلال أو تشوش في أنواع كثيرة من الملكات الفكرية كل نوع منھا يبين العطب الذي وقع في الدماغ
نشاطه ، إلا أن ھناك ما يسمى
((بالجنون)) وھو اضطراب في قوى الحواس كلھا ووظائف الدماغ
والمصاب بذلك تظھر عليه حالات عصبية قوية مع غيبوبة مداھا بين القصر والطول .
أما الذي ينطقون بلغة غير معروفة لديھم . فلأن العقل في تلك الحالة يكون في تجوال يلتقط كل قوة
صوتية أو لغوية أو فكرية فينقلھا إلى الحواس التي تترجمھا إلى مدلول بشكل مفھوم منطوق به . غير
أن ھناك حالات أخطر من ھذه كلھا . حين يتم التحام قوة الجسم بقوة جسم آخر من عالم
الأجسام الصورية . ولا يتم الشفاء ھنا إلا بطريقة محكمة يعرف ممارسھا بكيفية فصل ھذه الأجسام
عن بعضھا (vitalisme) البعض ، وھذا المشكل

إن ھناك قوة الحیاة في الإنسان ، وھي أیضا لھا دورھا الكبیر في حركة الجسم كلھ ، إلا
أنھا لا تحرك العقل بل تحرك الدماغ ، فالأجسام سرھا في الحیاة ، وما یخرج عن الأجسام
فسر حركتھ أساسھ الروح المحكمة للحیاة . وھنا ، یبقى الكلام عن الحیاة وسرھا بعیدا لأنھ ا
قوة تحركھا قوى الروح البعیدة عن إدراك عقل وشعور الإنسان .
إن العقل ھو نفسھ قوة لھا حركة دائریة تموج في نفسھا ونعتبر حیاة . والعقل لا یحیا بنفس
حیاة الجسم وإنما أساس حیاتھ الروح مباشرة . وحركة العقل الدائریة یتفحص بھا حواس
الجسم والمراكز الحساسة في الدماغ . فالعقل یمنح للجسم – یترتیب – وقت النوم ویحول
للحواس إدراك الحاجة إلى الأكل والشرب عن طریق الإحساس بغریزتي الجوع والعطش .
كما أنھ یفحص الأفكار ووظائف الصور . ففي فترة من صحو الإنسان لابد لھ من التخیل كم ا
لابد لھ أثناء النوم من الحلم ، ولا یجب على الإنسان أن یرغم عقلھ على التركیز دون أن
یترك لھ مجالا للقیام بفحصھ المتناسق لما یجب التركیز فیھ . وإذا أرغم الإنسان عقلھ على
ذلك نجد جسمھ یظھر تعبا وعرقا ، بل نجد العقل یترك الجسم عرضة للحیرة والارتباك أمام
الحوادث أو الحالات العارضة لھ ، كما یقع للعاملین الذین یرغمون عقولھم على التركیز فیم ا
یقومون بھ من أعمال بالآلات الحادة أو القاطعة أو الكھربائیة...الخ
والعقل في حركته يحرك قوى الحواس في الجسم بطريقة فوقية وسفلية وسفلية وفوقية ، ثم يمينية
شمالية وشمالية يمينية وفي كل ھذا يؤدي العمود الفقري (النخاع الشوكي) دور الإيصال بين قوى
الجسم ، والعقل ، ثم إدراكھا وتمييزھا إن كانت ألما أو قنوطا أو حزنا أو خوفا .
إن للعقل درجات ومراتب كان القدماء یسعون إلى الارتقاء فیھا بواسطة العزلة)كما یفعل
الصوفیة) إذ بالخلوة یتم تجانس الحواس ، وكذلك بالتقلل في الطعام ، لأن كثرة الضجیج
والتخمة الناتجة عن الشره یولدان مزاجا عصبیا أو خمولا لا یستطیع معھما الإنسان الترقي
في مراتب عقلھ . والعزلة الطویلة المدى لا تفید ، وإنما وجب أن تكون عزلة لوقت معین
ومحدود .
وقد كان أصحاب الخلوة يتناولون ما قل من الطعام وما له دور مُغذ ھام تبقى به الحواس
في يقظة كاملة تمكن العقل من إدراك العلوم المطلوبة ، أو التجوال الباطني المدرك
بالعقل .
والتجوال الباطني المدرك یعني التمكن من توجیھ قوى العقل على أماكن مقصودة ، والعمل
بھذه القوى في أشیاء كثیرة ، وھذه المرتبة تستدعي مراعاة طریقة مرسومة لبلوغھا بمساعدة
شیخ متمرس في مجال العقل والجسم ، ویستفاد من طرق الصوفیة أن الخلوة ھي السبیل
على بلوغ تلك المرتبة ، لذلك تجدونھم یتحدثون كما أسموه بالمقامات ، غیر أن الذي وجبت
معرفتھ ھو أن العقل ھو الذي یظل سبیلا في كل ذلك ولیست الروح كما یقول معتقدو الطرق
الروحیة ، وما تلك إلا طرق بالعقل لأن العقل ھو الذي تدرك بھ الأشیاء والمدركات ، ولیس
الروح .
إن في الإنسان قوى كثیرة یحركھا العقل دون إدراك مصدرھا ، كالمناجاة ، فالإنسان
عندما یخاطب نفسھ فكأنھ یتحدث إلى إنسان آخر كامن فیھ ، والسر في ذلك أن العقل یبدو
وكأنھ لدیھ مرآة یوجھھا تجاه صاحبھ حین یسأل عن العقل فیرى الإنسان نفسھ في ھذا العقل
المرآة دون أن یدرك كنھھ . ولكنھ على كل حال یحصل لھ انطباع ما عن ذاتھ ، وكل كلام
ینطق بھ الإنسان یرجعھ العقل إلیھ فیجد نفسھ مخاطبا نفسھ كم ا
تفعل المرآة التي تعكس لھ صورتھ وحركاتھ ، إن الإنسان حین یرى نفسھ في المرآة فإنھ لا
یرى المرآة ذاتھا وإنما یعیش عالما صوریا حركیا لھ أصل في الواقع ، بل ھو صورة لھذ ا
الواقع ونسخة من العالم الأصلي ولیس الأصل ، ولذلك فإن الإنسان لن یستطیع أن یعرف
العقل أبدا ، وإنما یمكنھ أن یتعرف على قوى العقل التي یحركھا العقل ، فحسب .






التوقيع :
الباطن اتجاه فكري كل هدفه الوصول بك الى معرفة الحقيقة المحيطة بك و السمو بفكرك و روحانيتك ..


الفقراء هم اولئك الذين يعملون للعيش بترف و يريدون الحصول على الكثير من الاشياء دون ان يستمتعوا بحياتهم
رد مع اقتباس