في احد الأزمنة البعيدة كان هناك مسافر يبحث عن سر الوجود كان يعرفه الجميع باسم ابن عربي هذا الرجل لم يكن مجرد سائر في طرق الأرض بل كان يسير في الزمان والمكان يتنقل بين العالم المادي والعوالم الروحية يبحث عن الحقيقة المطلقة الحقيقة التي تنكشف وتغلق في كل لحظة كما تنفتح الأبواب في قلب الليل لينكشف النور في إحدى رحلاته وصل إلى صحراء واسعة حيث لم يكن فيها من شيء سوى الرمال المتناثرة في الأفق تاه ابن عربي بين هذه الرمال حتى لم يعد يعرف إذا كان يسير إلى أين وبينما هو يسير بدأ يشعر بشيء عميق شيء غير مرئي لكنه موجود كأن الأرض تتنفس وكأن الهواء يحمل شيئا أكبر من الجسد الذي يعبُر عليه ثم فجأة في تلك اللحظة العميقة ظهر له صوت من الأعماق كأنه ينبثق من كل شيء في الوجود وقال أيها المسافر ماذا تبحث عنه أجاب ابن عربي أبحث عن الحقيقة عن جوهر الوجود عن سر الحياة والموت عن الإجابة التي تفسر كل شيء قال الصوت ولكن أيها المسافر الحقيقة لا تبحث عنها في مكان أو زمان الحقيقة هي ما تدركه من خلال رحلتك من خلال التنقل بين الظلمات والنور بين الظاهر والباطن أليس هذا هو الطريق ثم اكتشف ابن عربي شيئا عميقا الطريق ليس إلى شيء آخر الطريق هو نفسه الوعي الذي يسير فيه هو ذاته الذي يختبر ذاته في كل لحظة فالمسافر ليس شخصا يبتعد عن شيء ليرتقي إلى شيء آخر بل هو الوعي الذي يسافر في ذاته في كل لحظة ليكتشف نفسه أكثر وأكثر الموت في هذا الطريق ليس انقطاعا بل هو عبور إلى حالة جديدة حالة يكون فيها المسافر قد تخلّى عن مفهومه الظاهري ليكتشف بعده الجوهري الحياة ليست بداية بل هي الاختبار الاختبار الذي يُمتحن فيه المسافر البعث ليس عودة بل هو الكشف الذي يُظهر الحقيقة الحقيقة التي كانت دوما في داخل المسافر ولكنها كانت مخفية وراء الحجب فقد أدرك ابن عربي في تلك اللحظة أن المسافر هو الوعي ذاته الطريق هو الوعي ذاته والغاية هي الوعي ذاته هكذا سار ابن عربي في سفره الأبدي في حركة مستمرة بين الوجود والعدم بين الروح والجسد بين الحياة والموت وكان كل سفره ليس إلا عودة إلى نفسه إلى الجوهر الذي لا يتغير