(5)
التأمل والسكينة: الصمت الذي تسمع فيه الأرواح.…
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
أحبتي في دائرتنا المباركة،
نواصل رحلتنا في سلسلة "أدوات أساسية للتواصل الروحي"،
وبعد أن تحدّثنا عن المشاعر، ونقاء السريرة، والنية، نصل اليوم إلى الأداة التي تُعدّ باب الدخول الفعلي إلى عوالم الصفاء الروحي…
🔹 إنها: التأمل والسكينة.
---
ما هي السكينة؟
السكينة ليست مجرد جلوس هادئ أو إغلاق للعينين…
هي حالة سكون داخلي، حيث تنخفض ضوضاء الأفكار، وتستقر المشاعر، وتصبح الطاقة قابلة لأن تُصغي وتستقبل.
السكون الجسدي قد يمنح راحة مؤقتة، لكن الهدوء الداخلي هو الذي يفتح المجال للأرواح، وللطاقات الرفيعة أن تقترب.
> في لحظة السكينة، يصبح وعيك مثل سطح ماء صافٍ، تنعكس فيه رسائل الروح بوضوح.
---
تهدئة العقل من الضجيج
العقل مثل نهر، إذا امتلأ بالطحالب والتيارات العنيفة، يصبح الماء عكرًا…
وإذا أردنا أن نرى القاع بوضوح، علينا تهدئة السطح.
أسباب ضجيج العقل:
القلق المستمر بشأن الماضي أو المستقبل.
الأفكار المتكررة والمجادلات الداخلية.
الانشغال بالمقارنات والحكم على الآخرين أو على الذات.
---
طرق تهدئة العقل:
1. التنفس العميق المنتظم
ركّز على الشهيق والزفير، وكأنك تسمع صوت النفس وهو يخرج ويدخل.
كلما عاد انتباهك للتنفس، ضعفت قبضة الضجيج.
2. تفريغ الأفكار على الورق
أحيانًا العقول تضجّ لأنها تحمل كل شيء بداخلها.
كتابة ما يدوّر في بالك تقلل من تكراره.
3. المراقبة دون تدخل
لا تحارب الفكرة ولا تتعلق بها… راقبها وهي تمر، كغمامة عابرة في السماء.
4. تغيير بيئة الطاقة
أطفئ الأجهزة، ابتعد عن الضوضاء، استمع لخرير ماء أو أصوات طبيعية، فذلك يبطئ الموجة الذهنية.
---
اليقظة (الوعي الحاضر)
اليقظة هي فن العودة إلى الآن.
أغلب ضجيج العقل يأتي من التجوال في الماضي والمستقبل، بينما اللحظة الحاضرة غالبًا ما تكون أبسط وأهدأ مما نظن.
كيف تطبق اليقظة؟
ركّز على إحساس الهواء وهو يلامس جلدك.
انتبه لصوت تنفسك، ولإيقاع قلبك.
لاحظ ما حولك دون تعليق أو حكم، فقط عِش المشهد كما هو.
> كلما زاد حضورك في اللحظة، ارتفعت ذبذبتك، وانفتح باب الاتصال الروحي بسلاسة.
---
خطوات عملية لجلسة سكينة ويقظة:
1. اختر مكانًا هادئًا، بعيدًا عن المشتتات.
2. اجلس أو استلقِ بوضع مريح، مع استقامة عمودك الفقري.
3. أغلق عينيك وخذ 3 أنفاس عميقة وبطيئة.
4. راقب تنفسك دون محاولة تغييره.
5. دع الأفكار تمر، وركز فقط على إحساس اللحظة.
6. مدّد الجلسة تدريجيًا من 5 دقائق إلى 20 دقيقة أو أكثر.
---
علامات نجاح الجلسة:
شعور بالخفة والصفاء بعد الانتهاء.
بطء تلقائي في التنفس.
إحساس بالاتساع والراحة في الصدر.
ومضات إلهام أو مشاعر محبة وسلام داخلي.

التأمل والسكينة هما المفتاح الصامت الذي يفتح الأبواب الموصدة في الروح.
في لحظة الصفاء، تصبح أقرب إلى ذاتك الحقيقية، وأقرب إلى الرسائل التي أُرسلت إليك منذ الأزل.
🕊
اللهم اجعل قلبي مرسى للسكينة،
وعقلي واديًا يجري فيه النور بلا ضجيج،
وروحي جناحًا يحلّق في فضاء محبتك،
حتى أكون في حضرة الآن، حيث أنت حاضر دائمًا.