المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : النافخ في الصور


شيخ الأسرار الباطنية
28-01-2012, 15:12
النافخ في الصور


أثناء قراءتنا لكتاب ((المھدي المنتظر)) ، تم استعراض المقولات والفرضیات المختلفة المتباینة
أحیانا والمتقاربة أحیانا أخرى بشأن طبیعة المخلوق وبنیتھ وأصلھ ووظیفتھ .
وفي نفس المناسبة وجنا صاحبي ھذا الكتاب یختمانھ بالتأكید على عدم الاستجابة للدعوة
إلى المھدي ، لأن ھذه الدعوة محظورة ومنھي عنھا ، ولا فائدة ترجى منھا ، ولا حتى في
الخوض في ھذا الموضوع ، إذ في الأوامر والنواھي الإلھیة ما یوصل إلى المقصد الخیر
دون تعرض للفتنة . وإنما الخوض في ھذا الموضوع والدعوة إلیھ فتنة ، وھذا ما دعا إلى
القیام بمثل ھذه البحوث والدراسات الباطنیة وبالتالي نشر ھذا الضرب من القراءات .
كتاب((النافخ في الصور)) یتضمن توضیحات أخرى لموضوع یكاد یكون تكملة للموضوع
الأول ، بل ھو عین الموضوع وإنما اختلف الظرف بینھما والتوقیت والحدث .
إننا كمسلمین مؤمنین بالله وبكتابھ العزیز ورسولھ الكریم نسلم بأن الله حق ، وأن رسلھ
وملائكتھ وكتبھ حق ، وأن الیوم الآخر والساعة حق ، وأن البعث والحساب حق ، ثم إن
وجود الشیطان (علیھ اللعنة) والعداوة القائمة مدى الدھر بیننا وجنوده وتركتھ حقیقة واقعة...
إلا أننا نظل نطرح أسئلة كان حریا بنا أن نقف دون طرحھا فنرتاح ونریح ، من بینھا : من
ھو المھدي؟ أو من ھو الخضر؟ أو الجل الذي كان یجيء من أقصى المدینة یسعى؟ أو ذاك
الذي كان عنده في حضرة النبي سلیمان علم الكتاب؟... فما كان على الباحثین بعد ذلك (أعني
ھنا الباطنیین) إلا أن یدلي كل منھم بدلوه لیس من باب إذكاء جذوة الجدال والاختلاف ، وإنم ا
من باب إلقاء الضوء على ھذه الموضوعات الغیبیة المطروحة للمناقشة والأخذ والرد ، بم ا
بلغوا إلیھ من علوم باطنیة تعزب عن ذھن معظم الخائضین في ھذا الدرب ، حتى لا تتكاثر
وتتضاعف فحسب فرص الخطأ ، خصوصا واللبس في مثل ھذه المسالك كثیر ، والتشابھ
أكثر ، والغموض أعمق وأشد .
ربما في ھذه المجالات بالذات ، تظھر أھمیة العلوم الباطنیة ، والثقافة الباطنیة ، في
البحث عن مواطن الصواب والزلل ، بل أھمیتھا تكمن في ذلك حقا .
إن الكثیر من الناس یجرؤون على القول إن قیام الساعة معناه الموت لا أقل ولا أكثر ،
ومعناه فناء أمة دون أخرى ، كأن لكل أمة ساعتھا ، ولكل إنسان قیامتھ متى ھلك ، كما إن
من الناس من فسر قیام الساعة بانقراض الحیاة كلیا على سطح الأرض .
إن التكھنات الجاریة على ھذا النحو لا تعدو أن تدخل الشك والریبة في قلوب وعقول من
یكنون أقرب إلى الكفر منھم من الإیمان ، والذین یروجون ھذه المقولات إنما ھم من یكتمون
ما أنزل الله من البینات والھدى من بعد ما أظھره وبینھ في كتابھ العزیز فحقت علیھم اللعنة .
إن الأمم الخالیة التي جاءھا أمر الله من قبل لم تقم علیھا الساعة ، وإنما عذبت في الأرض
بما قدمت من سوء الأعمال . فمنھا من أصابتھ الرجفة ، ومنھا من دكتھ الزلازل ، ومنھا من
جرفتھ میاه الطوفان أو ابتلعتھ المحیطات ، ومنھا من أرسلت علیھ الطیر الحجارة... وغیرھ ا
كثیر . أما قیام الساعة فتعریفھ وارد في كتاب الله واضح جلي كالشمس ، فمنھ أن تنشق
السماء فتكون وردة كالدھان ، وأن ترج الأرض رجا وتبس الجبال بسا فتكون ھباء منبثا ،
وأن تحمل الأرض والجبال فتدك دكة واحدة ، وأن تطمس النجوم ،وینشق القمر ، وتبعثر
القبور ، ویحصل ما في الصدور ...الخ .
والآیات القرآنیة تعرفنا بالوصف الدقیق على قیام الساعة تعریفا لا دقة ولا كمال بعده .
والأمم السالفة التي جاءھا أمر الله فعذبت بھ لم تطمس فوقھا نجوم ، ولم تكور شمس ، ولم
ینشق أمامھا قمر ، ولم ینقر لھا في ناقور أو ینفخ في صور أو ینادى علیھا من قریب أو
بعید...ولذلك فقیام الساعة لم یحن بعد أوانھ وإن بدأت تباشیره تلوح في الأفق ، وحین یحل
موعده فسیكون قائما على جمیع الأمم منذ بدء الخلق إلى آخر رمق ، وبالأوصاف
والتجلیات الواردة في الآیات المتطرقة لھذا الموضوع ، ویحمل منھا القرآن الكثیر .
إن ھذا الأمر لیدعو حقا إلى تأمل ھذه الآیات بمنتھى التدبر ، آیات سورة الانفطار ،
والانشقاق ، والقارعة ، والحشر، والزلزلة...وغیرھا من وصفات بدایة النھایة وبدایة البدایة،
بدایة العاجلة ، وبدایة بدایة الآجلة .
إن الأمر لیتطلب إیمانا مسبقا بما جاء في ھذه السور والآیات ، وإلا لما جاز الخوض في ھذ ا
الموضوع الذي لا مكانة ولا حیز لھ لدى غیر المسلم المؤمن بالغیب .
من ھذا المنطلق ینتقل كتاب((النافخ في الصور)) من صورة إلى أخرى ومن وصف إلى
آخر لیوم قیام الساعة إلى غایة خروج الدابة المتكلمة ، وانبعاث یاجوج وماجوج بعد انھدام
السد الذي أقامھ ذو القرنین لیحول بینھم وبین أھل الأرض من بني آدم ، ثم إلى ظھور من
سیسوم الكافرین سوء العذاب (كما ورد في القرآن الكریم)، ثم إلى غایة النفخة الأولى في
الصور ، ثم النفخة الثانیة المؤذنة بالانبعاث أو البعث .
ھنا فقط یبدأ تظھر من بین إشكالیات ھذا الموقف الرھیب وتصوره وإدراكھ الإدراك التام
إشكالیة النافخ في الصور ، أو ذلك المجھول الموكل إلیھ بھذه المھمة ، والذي لم یعلن قط عن
اسمھ ، وإنما وقعت الإشارة في كتاب الله إلى فعلھ فقط ، دون التعرض لأصلھ أو ھویتھ أو
شكلھ ، فمن ھو یا ترى؟ ذاك كان موضوع ھذا الكتاب .
إن إنكار بعض العلماء لنزول عیسى علیھ السلام أمر غیر وارد - یقول الكتاب - ((إنه لا
يمكن إيجاد مبرر حتى لا يقبل وجود رجل أعطي له اسم رمزي يخصصه الله سبحانه وتعالى لتأدية
الأمانة حفاظا على الدين الإسلامي وتنفيذا لأمر الله بتأكيد على قدرته ، وتفصيل لنوع من انتقامه ،
فيكون رجوع عيسى عليه السلام من علامات الساعة ، إذ يطول مقامه في الأرض إلى يوم قيام الساعة
حين ينفخ في الصور ، ذلك أن الله سبحانه(كما سبق القول)تأذن أن يبعث على الكافرين من يسومونھم
سوء العذاب من فترة علمھا عند الله ، إلى أن يحين الوقت الموعود...))
العذاب إذن قبل یوم القیامة وارد ، وظھور من سیوكل إلیھ إحقاق الحق ((فجأة)) وارد ،
ووجوب نافخ في الصور أیضا وارد . وھنا یبدأ صاحبا كتاب ((النافخ في الصور)) في
استدراج القاريء إلى فرضیة مؤداھا أن الأمر متعلق بأشخاص كذي القرنین أو أن یتعلق
بالروح وروح القدس أو بعیسى نفسھ مادام عرف في شخصیة ظھر بھا قبل أن یرفع .
ومادام سیظھر في شخصیة ثانیة بعد أن یعود لیعیش فوق الأرض إلى أن یأتیھ الموت كباقي
الخلائق . كأن أصحاب ھذه الفرضیة یریدون أن یصلوا إلى حقیقة ھي أن نفس الشخص قد
یكون ھو عین النافخ في الصور لكن ، في شخصیة ثالثة ومظھر مغایر للأول والثاني ،
مناسب لما تقتضیھ الوظیفة أو المھمة الجدیدة .
ویضیف الكاتبان : ((إن البعض يرى أن الكائن الروحي لابد له من أن يتصل بداية بشخص تكتمل
فيه أوصاف البشر فيشملھا باطنيا في أصله ، لأنه لا يمكنه أن يكون ماديا ، إذ لو كان ماديا لسجن في
المادة كما ھو الشأن بالنسبة للإنسان ، وھذا الكائن الكامل و الباطني قد ينادي الكائن الروحي ليندمج
الكل وتقوم الساعة...ومن المسلمين (أنفسھم)من فكر في ھذا الكائن الباطني الذي أعطيت له شخصية
كاملة ، فكان مشكل المھدي المنتظر مطروحا للفھم ، ليقال عنه إنه النقر في الناقور)) .
في ھذا السیاق ، یجعلك الكتاب تقترب شیئا فشیئا من احتمال التسلیم أن المھدي ، أو من
یطلق علیھ ھذا الاسم ، ھو نفسھ النافخ في الصور ، وبھذا الاحتمال ، یمكن القول إنھ ھو
الشخص الذي كان لھ عند سلیمان علم الكتاب ، وفي نفس الوقت ھو الخضر(الرجل الذي
صادف موسى وكان أعلم منھ)ولما كان لكل من ھؤلاء - وقد یكونون جمیعا نفس الشخص -
تكوین خلقي كامل یشمل جمیع القوى والمعارف وجمیع الأجناس ، فلماذا لا یكون أحد ھؤلاء
أو شخصیة جامعة لإمكاناتھم وطبائعھم جمیعا ھو النافخ في الصور؟!
إن الباحثین في ھذا الموضوع لا یسعھم إلا أن یصرفوا جھودھم إلى التنقیب في عالم
الروح والملائكة وھذا لن یقود سوى إلى متاھات التأویل والقلب والتغییر والسحر...وما على
المسلم المؤمن سوى أن یقف عند الحد الذي بلغ إلیھ أفق تفكیره ، وعساه أن یعمل صالح ا
فینفع دنیاه ودینھ بعیدا عن كل ھذا الفضول الذي لا یحمل في طیاتھ سوى عوامل الفتنة ،
واحتمالات الخطأ والزیغ والضلال .

فيصل
06-01-2013, 12:44
النافخ في الصور

انه لكتال شيق و تحليل جميل و رائع

و فعلا هناك اسئلة كثيرة تدور عن ما هو المهدى المنتظر و كيعية ظهوره و متي و كيف يظهر و الخضر علية السلام

لدرجة انني احببت هزا الكتاب

فشكرا مولاى شيخ الاسرار

علي هزا التحليل المميز

و جزاك الله خير الجزاء

رشيدعادل
02-05-2017, 15:36
بارك الله فيك شيخنا الفاضل

جاسم محمد
03-05-2017, 13:36
بارك الله فيك ياشيخ ...تحليل عقلاني ودراسة موضوعية شاملة من جنابكم
ادامك الله ياحكيم هذا الزمان

عبير
19-10-2017, 20:33
النافخ في الصور


أثناء قراءتنا لكتاب ((المھدي المنتظر)) ، تم استعراض المقولات والفرضیات المختلفة المتباینة
أحیانا والمتقاربة أحیانا أخرى بشأن طبیعة المخلوق وبنیتھ وأصلھ ووظیفتھ .
وفي نفس المناسبة وجنا صاحبي ھذا الكتاب یختمانھ بالتأكید على عدم الاستجابة للدعوة
إلى المھدي ، لأن ھذه الدعوة محظورة ومنھي عنھا ، ولا فائدة ترجى منھا ، ولا حتى في
الخوض في ھذا الموضوع ، إذ في الأوامر والنواھي الإلھیة ما یوصل إلى المقصد الخیر
دون تعرض للفتنة . وإنما الخوض في ھذا الموضوع والدعوة إلیھ فتنة ، وھذا ما دعا إلى
القیام بمثل ھذه البحوث والدراسات الباطنیة وبالتالي نشر ھذا الضرب من القراءات .
كتاب((النافخ في الصور)) یتضمن توضیحات أخرى لموضوع یكاد یكون تكملة للموضوع
الأول ، بل ھو عین الموضوع وإنما اختلف الظرف بینھما والتوقیت والحدث .
إننا كمسلمین مؤمنین بالله وبكتابھ العزیز ورسولھ الكریم نسلم بأن الله حق ، وأن رسلھ
وملائكتھ وكتبھ حق ، وأن الیوم الآخر والساعة حق ، وأن البعث والحساب حق ، ثم إن
وجود الشیطان (علیھ اللعنة) والعداوة القائمة مدى الدھر بیننا وجنوده وتركتھ حقیقة واقعة...
إلا أننا نظل نطرح أسئلة كان حریا بنا أن نقف دون طرحھا فنرتاح ونریح ، من بینھا : من
ھو المھدي؟ أو من ھو الخضر؟ أو الجل الذي كان یجيء من أقصى المدینة یسعى؟ أو ذاك
الذي كان عنده في حضرة النبي سلیمان علم الكتاب؟... فما كان على الباحثین بعد ذلك (أعني
ھنا الباطنیین) إلا أن یدلي كل منھم بدلوه لیس من باب إذكاء جذوة الجدال والاختلاف ، وإنم ا
من باب إلقاء الضوء على ھذه الموضوعات الغیبیة المطروحة للمناقشة والأخذ والرد ، بم ا
بلغوا إلیھ من علوم باطنیة تعزب عن ذھن معظم الخائضین في ھذا الدرب ، حتى لا تتكاثر
وتتضاعف فحسب فرص الخطأ ، خصوصا واللبس في مثل ھذه المسالك كثیر ، والتشابھ
أكثر ، والغموض أعمق وأشد .
ربما في ھذه المجالات بالذات ، تظھر أھمیة العلوم الباطنیة ، والثقافة الباطنیة ، في
البحث عن مواطن الصواب والزلل ، بل أھمیتھا تكمن في ذلك حقا .
إن الكثیر من الناس یجرؤون على القول إن قیام الساعة معناه الموت لا أقل ولا أكثر ،
ومعناه فناء أمة دون أخرى ، كأن لكل أمة ساعتھا ، ولكل إنسان قیامتھ متى ھلك ، كما إن
من الناس من فسر قیام الساعة بانقراض الحیاة كلیا على سطح الأرض .
إن التكھنات الجاریة على ھذا النحو لا تعدو أن تدخل الشك والریبة في قلوب وعقول من
یكنون أقرب إلى الكفر منھم من الإیمان ، والذین یروجون ھذه المقولات إنما ھم من یكتمون
ما أنزل الله من البینات والھدى من بعد ما أظھره وبینھ في كتابھ العزیز فحقت علیھم اللعنة .
إن الأمم الخالیة التي جاءھا أمر الله من قبل لم تقم علیھا الساعة ، وإنما عذبت في الأرض
بما قدمت من سوء الأعمال . فمنھا من أصابتھ الرجفة ، ومنھا من دكتھ الزلازل ، ومنھا من
جرفتھ میاه الطوفان أو ابتلعتھ المحیطات ، ومنھا من أرسلت علیھ الطیر الحجارة... وغیرھ ا
كثیر . أما قیام الساعة فتعریفھ وارد في كتاب الله واضح جلي كالشمس ، فمنھ أن تنشق
السماء فتكون وردة كالدھان ، وأن ترج الأرض رجا وتبس الجبال بسا فتكون ھباء منبثا ،
وأن تحمل الأرض والجبال فتدك دكة واحدة ، وأن تطمس النجوم ،وینشق القمر ، وتبعثر
القبور ، ویحصل ما في الصدور ...الخ .
والآیات القرآنیة تعرفنا بالوصف الدقیق على قیام الساعة تعریفا لا دقة ولا كمال بعده .
والأمم السالفة التي جاءھا أمر الله فعذبت بھ لم تطمس فوقھا نجوم ، ولم تكور شمس ، ولم
ینشق أمامھا قمر ، ولم ینقر لھا في ناقور أو ینفخ في صور أو ینادى علیھا من قریب أو
بعید...ولذلك فقیام الساعة لم یحن بعد أوانھ وإن بدأت تباشیره تلوح في الأفق ، وحین یحل
موعده فسیكون قائما على جمیع الأمم منذ بدء الخلق إلى آخر رمق ، وبالأوصاف
والتجلیات الواردة في الآیات المتطرقة لھذا الموضوع ، ویحمل منھا القرآن الكثیر .
إن ھذا الأمر لیدعو حقا إلى تأمل ھذه الآیات بمنتھى التدبر ، آیات سورة الانفطار ،
والانشقاق ، والقارعة ، والحشر، والزلزلة...وغیرھا من وصفات بدایة النھایة وبدایة البدایة،
بدایة العاجلة ، وبدایة بدایة الآجلة .
إن الأمر لیتطلب إیمانا مسبقا بما جاء في ھذه السور والآیات ، وإلا لما جاز الخوض في ھذ ا
الموضوع الذي لا مكانة ولا حیز لھ لدى غیر المسلم المؤمن بالغیب .
من ھذا المنطلق ینتقل كتاب((النافخ في الصور)) من صورة إلى أخرى ومن وصف إلى
آخر لیوم قیام الساعة إلى غایة خروج الدابة المتكلمة ، وانبعاث یاجوج وماجوج بعد انھدام
السد الذي أقامھ ذو القرنین لیحول بینھم وبین أھل الأرض من بني آدم ، ثم إلى ظھور من
سیسوم الكافرین سوء العذاب (كما ورد في القرآن الكریم)، ثم إلى غایة النفخة الأولى في
الصور ، ثم النفخة الثانیة المؤذنة بالانبعاث أو البعث .
ھنا فقط یبدأ تظھر من بین إشكالیات ھذا الموقف الرھیب وتصوره وإدراكھ الإدراك التام
إشكالیة النافخ في الصور ، أو ذلك المجھول الموكل إلیھ بھذه المھمة ، والذي لم یعلن قط عن
اسمھ ، وإنما وقعت الإشارة في كتاب الله إلى فعلھ فقط ، دون التعرض لأصلھ أو ھویتھ أو
شكلھ ، فمن ھو یا ترى؟ ذاك كان موضوع ھذا الكتاب .
إن إنكار بعض العلماء لنزول عیسى علیھ السلام أمر غیر وارد - یقول الكتاب - ((إنه لا
يمكن إيجاد مبرر حتى لا يقبل وجود رجل أعطي له اسم رمزي يخصصه الله سبحانه وتعالى لتأدية
الأمانة حفاظا على الدين الإسلامي وتنفيذا لأمر الله بتأكيد على قدرته ، وتفصيل لنوع من انتقامه ،
فيكون رجوع عيسى عليه السلام من علامات الساعة ، إذ يطول مقامه في الأرض إلى يوم قيام الساعة
حين ينفخ في الصور ، ذلك أن الله سبحانه(كما سبق القول)تأذن أن يبعث على الكافرين من يسومونھم
سوء العذاب من فترة علمھا عند الله ، إلى أن يحين الوقت الموعود...))
العذاب إذن قبل یوم القیامة وارد ، وظھور من سیوكل إلیھ إحقاق الحق ((فجأة)) وارد ،
ووجوب نافخ في الصور أیضا وارد . وھنا یبدأ صاحبا كتاب ((النافخ في الصور)) في
استدراج القاريء إلى فرضیة مؤداھا أن الأمر متعلق بأشخاص كذي القرنین أو أن یتعلق
بالروح وروح القدس أو بعیسى نفسھ مادام عرف في شخصیة ظھر بھا قبل أن یرفع .
ومادام سیظھر في شخصیة ثانیة بعد أن یعود لیعیش فوق الأرض إلى أن یأتیھ الموت كباقي
الخلائق . كأن أصحاب ھذه الفرضیة یریدون أن یصلوا إلى حقیقة ھي أن نفس الشخص قد
یكون ھو عین النافخ في الصور لكن ، في شخصیة ثالثة ومظھر مغایر للأول والثاني ،
مناسب لما تقتضیھ الوظیفة أو المھمة الجدیدة .
ویضیف الكاتبان : ((إن البعض يرى أن الكائن الروحي لابد له من أن يتصل بداية بشخص تكتمل
فيه أوصاف البشر فيشملھا باطنيا في أصله ، لأنه لا يمكنه أن يكون ماديا ، إذ لو كان ماديا لسجن في
المادة كما ھو الشأن بالنسبة للإنسان ، وھذا الكائن الكامل و الباطني قد ينادي الكائن الروحي ليندمج
الكل وتقوم الساعة...ومن المسلمين (أنفسھم)من فكر في ھذا الكائن الباطني الذي أعطيت له شخصية
كاملة ، فكان مشكل المھدي المنتظر مطروحا للفھم ، ليقال عنه إنه النقر في الناقور)) .
في ھذا السیاق ، یجعلك الكتاب تقترب شیئا فشیئا من احتمال التسلیم أن المھدي ، أو من
یطلق علیھ ھذا الاسم ، ھو نفسھ النافخ في الصور ، وبھذا الاحتمال ، یمكن القول إنھ ھو
الشخص الذي كان لھ عند سلیمان علم الكتاب ، وفي نفس الوقت ھو الخضر(الرجل الذي
صادف موسى وكان أعلم منھ)ولما كان لكل من ھؤلاء - وقد یكونون جمیعا نفس الشخص -
تكوین خلقي كامل یشمل جمیع القوى والمعارف وجمیع الأجناس ، فلماذا لا یكون أحد ھؤلاء
أو شخصیة جامعة لإمكاناتھم وطبائعھم جمیعا ھو النافخ في الصور؟!
إن الباحثین في ھذا الموضوع لا یسعھم إلا أن یصرفوا جھودھم إلى التنقیب في عالم
الروح والملائكة وھذا لن یقود سوى إلى متاھات التأویل والقلب والتغییر والسحر...وما على
المسلم المؤمن سوى أن یقف عند الحد الذي بلغ إلیھ أفق تفكیره ، وعساه أن یعمل صالح ا
فینفع دنیاه ودینھ بعیدا عن كل ھذا الفضول الذي لا یحمل في طیاتھ سوى عوامل الفتنة ،
واحتمالات الخطأ والزیغ والضلال .








معظم البشر ياشيخ الاسرار مؤمنين إن المهدي هو من دم الرسول عليه الصلاة والسلام وهو سيأتي قبل نزول عيسى عليه السلام وتوحيد صفوف المسلمين من شيعه وسنه بعد زمن من القتال المرير.*----==

عبير
19-10-2017, 20:35
موضوع يستحق القراءة .....يعطيك العافيه ياشيخ الاسرار